انعطافة كبيرة وغير مسبوقة احدثتها
المقاومة الفلسطينية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بتطويرها لمنظومتها
الصاروخية التي دكت الكيان الإسرائيلي وجعلت كافة مناطقه في مرماها ، ومن موقع
الند للند .. وبلغة ان عدتم عدنا .. وهي تفرض وقائع وحقائق جديدة على الارض ،
وضعت العدو الاسرائيلي في مأزق تاريخي غير معهود ، تأكيدا على تطور اسلوب
المقاومة وسلوكها ونهجها في ادارة الصراع تطورا نوعيا ، بطريقة ستجبر هذا الكيان
الغاصب والمصطنع على إعادة حساباته قبل التفكير بالقيام باي مغامرة او اعتداء او
عدوان مستقبلي على اي منطقة فلسطينية ، لما سيترتب على ذلك من اثمان واكلاف بشرية
ومادية وعسكرية وامنية واقتصادية باهظة بات عليه دفعها اذا ما فكر بالاقدام على
هكذا مخاطرة . وما موافقته وقبوله بوقف اطلاق النار دون شروط بعد ان اعتاد على
التحكم بمسار المواجهات السابقة مع الفلسطينيين وادارتها ونتائجها وفرض إرادته
وشروطه ، الا بمثابة الاعتراف بحدوث تحول في لغة هذه المواجهات واساليبها ، وكما
دل على ذلك ضربات صواريخ المقاومة المكثفة المزودة برؤوس متفجرة ذات قدرة تفجيرية
وتدميرية هايلة ، احدثت حالة من الدمار والهلع والخوف في الشارع الإسرائيلي ، وشلت
نشاط القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية . الامر الذي سيجعلنا نقف عند اهم التطورات
والتحولات والانتصارات الفلسطينية التي رافقت الاحداث التي شهدها قطاع غزة خلال
الايام الماضية ، خاصة الدور البطولي الذي قامت به المقاومة الفلسطينية ، والذي
جسد تحولا وتطورا لافتا في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، بطريقة جعلت
الكفة تميل لصالح الجانب الفلسطيني . ولعل
من ابرز هذه التحولات والانتصارات ، اختراق منظومة الامن الإسرائيلية ومناعة الامن
القومي الاسرائيلي وتحديدا في تل ابيب التي سيتغير فيها نمط واسلوب الحياة والى
الابد بعد ان باتت غير امنة ، كذلك إعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد
بعد التراجع الذي شهدته على الاجندات العربية والاقليمية والدولية مؤخرا ،
بالاضافة الى هبة الداخل العربي الفلسطيني المحتل ، انتقاما من تصرفات المستوطنين
والشرطة الإسرائيلية ، ومحاولات طمس الهوية الفلسطينية العربية ، وهي الهبة التي
وحدت القوى والفصائل الفلسطينية نحو هدف واحد ، وأكدت على ان الحالة الفلسطينية
واحدة في مواجهة السياسة الإسرائيلية القائمة على الفصل العنصري والتطهير العرقي
والعزل السياسي والجغرافي ، وان زمن الاستفراد بالمناطق الفلسطينية قد ولى بعد
خضوع الفعل الاسرائيلي الى حسابات جديدة محرجة ومكلفة في ظل معادلة توازن الردع
الجديدة التي فرضها الجانب الفلسطيني ، الذي اصبح يملك زمام المبادرة والمبادأة
والمفاجأة ، وبات صاحب رأي وكلمة في قرار وقف اطلاق النار والصراع عموما . مما
سيعزز من موقف المفاوض الفلسطيني في اي عملية تفاوضية من خلال رفع سقف شروطه
ومطالبه وبنفس المنتصر الذي بات يملك الكثير من الاوراق ، لتشمل الضفة الغربية
والقدس وقطاع غزة في اشارة الى خروج الفلسطينيين من النطاق الضيق الذي طالما سعت إسرائيل
الى إبقائهم فيه ممثلا بغزة . مع احتمال ان تدفع الاحداث التي شهدتها غزة وتبرر
لجميع الفصائل الفلسطينية ، بما في ذلك السلطة الفلسطينية الى اعادة النظر
بأسلوبها وسلوكها في التعامل مع الكيان الإسرائيلي من حيث تفعيل النشاط العسكري
ووقف العمل بالاتفاقيات الموقعة معه والتنسيق الامني معه ايضا ، وربما حل نفسها
لالقاء مسؤولية الاراضي الفلسطينية على عاتق الكيان الإسرائيلي ، ونقل ملف القضية
الفلسطينية الى الامم المتحدة لتتحمل مسؤولياتها تجاهه .
لقد تعززت قناعة المقاومة الفلسطينية ،
بان ضربات الكيان الإسرائيلي المكثفة هي اقصى ما يمكن له فعله ، وانها لم ولن تنال
من عزيمتها وارادتها واصرارها على مواجهته من موقع الند للند عبر تطوير منظومتها
الصاروخية واسلحتها الحربية ، لمواصلة تهديد وضعه الامني ، وهو التحدي الجديد الذي
فرضته على هذا الكيان الغاصب ، دفاعا وانتصارا للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه العادلة
والمشروعة واقامة دولته المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني .