(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)
لا اعتراض على حكم الله إذا كان رب
العباد أراد ذلك ، أما اذا كان العباد هم سبب البلاء والوباء.. فهذه مسألة جدلية
ستدخلنا في نفق مناقشات مسدود ..
لا زلنا نخوض معركة شرسة مع هذا الوباء
اللعين ، فيروس لا يرى بالعين المجردة يتنقل من جسد إلى آخر بدون استئذان ولا استرحام ، عدو سرطاني يقتحم مناطق الضعف في
جسم الإنسان؛ ليفتك به سريعًا ..وكأن بيننا وبينه ثأر وعداء منذ القِدم!
فيروس أبكى الوطن والقوافي، أبكى اللحن
والموسيقى، خطف منا خِيرة الرجال، نعم، الرجال الرجال، وما زلنا نتأهب يوميًا
لسماع ضحايا أخرى وإن كنا لا نتمنى ذلك ، لكنه لا يأبه بأمنياتنا ..
أنحزن على مَن ومَن؟
أنبكي صديقنا الوفي الدكتور عبد الرحمن
وليدات؟
أم نبكي الباشا عبد الهادي المجالي( في
ذكري الأربعين على الرحيل المؤلم ) -جنرال السياسة- والشخصية الوطنية الاستثنائية
، صاحب الحضور والتأثير أينما كان وأينما حل؟
أم نبكي القامة الإعلامية: نبيل الشريف؟
أم نبكي البروفسور الدكتور عدنان
العبداللات؟ الطبيب الجراح، الفذ النطاس، ابن السلط البار ، والذي سجل اكتشاف
متلازمة سميت باسمه، وكان من أوائل الأطباء في العالم في اكتشاف دواء لمرض
الزهايمر..
أم نبكي بلتاجي؟
ثم نعود ويفجع
الوطن مرة أخرى بشاعر الحب والكلمة
والإحساس، ذاك الرجل المتواضع الوسيم المبتسم المثقف الهادىء، الذي أبكى أهله
وأصحابه وأصدقاءه، وأبكى الأردنيين جميعًا: جريس سماوي، الذي صعدت روحه النقية وهو يرفض عقله تقبل موت
أخيه سليم قبل عشرين يوم من وفاته.
جريس، التقيت معك أكثر من مرة وأنت في
وزارة الثقافة ، وجدت نفسي أمام إنسان في
قمة الرقي ولست أمام وزير متعجرف.
جريس، لقد أبكيت لبنان كما أبكيت عمان ..
يا موت هل تريد قتل الحب والحلم
والكلمة والدحنون والربيع فينا؟
أيها القناص الماهر، هل تنتقي زبائنك
بعناية فائقة لترى أيهما أكثر جرحًا وألمًا؟
ألم نرجوك يا موت أن تتمهل علينا رأفة
بقلوبنا؟
لم تجف دموعنا بعد ، ولم تهدأ قلوبنا..
ألا يمكن الجلوس معك على فنجان قهوة ونتفق معًا
على فاصل زمني؟
ألا يوجد آداب وأصول وحرمة لأرواحنا
وأجسادنا؟
أيها الراحلون قبل أوانكم وقبل أن
يكتمل مشروعكم وحلمكم،
قتلكم الفيروس أيها الكبار ، أيها
الجبال.
تضيق قبور الأموات بمن فيها، وفي كل
يوم أنتم في القبور تكبرون ..
رحمكم اللّٰه جميعًا ورحم من طالته يد
الفيروس.
اللّهم ارفع عنا الوباء والبلاء ..ولا تمتحنا بما نخاف منه.