من الامور اللافتة في موضوع فيروس
كورونا في الفترة الاخيرة ، تداعياته السلبية والخطيرة وانتشاره الواسع ممثلا
بعديد الاصابات والوفيات بشكل كبير وملحوظ شمل جميع دول العالم تقريبا في تأكيد
على خطورته وصعوبة محاصرته ، وانه ما زال في مرحلة التشخيص التي تجعل التعامل معه
علاجيا مسألة غامضة ، وتخضع للغة الاحتمالات التي لم تصل مستوى الحسم حتى مع وجود
لقاحات ومطاعيم يتطلب توفيرها فترة زمنية ليست بالقصيرة . اضافة الى ان الدول
المنتجة لها ، هي من يتحكم بتوزيعها وفقا لاعتبارات واولويات ومصالح هي من يحددها
، الامر الذي يجعل من التفاوت في توزيعها وتأمينها بين دول العالم سمة غالبة ،
وبالتالي من الصعب على اي دولة خارج دائرة انتاج هذه المطاعيم التحكم بها .
في المقابل هناك الوسيلة الاخرى او
البديل الاخر الذي يكاد يكون عاملا مشتركا بين دول العالم في مواجهة هذا الوباء ،
ممثلا بالاجراءات الصحية الوقائية والاحترازية من كمامات وقفازات وتباعد جسدي
ونظافة شخصية ومكانية وتعقيم وغيرها ،
والتي من السهل توفيرها وتطبيقها ، اذا ما اقترن ذلك بحملة وطنية توعوية
وتثقيفية بضرورة الالتزام بها . والا فان البديل اتخاذ اجراءات رسمية مشددة من اجل
تطبيقها . وبالتالي يصبح تعاطي اي دولة في العالم من غير الدول المنتجة للقاح امام
خيارين .. احدهما ليس بيدها ولا تمتلكه ولا تتحكم به ممثلا بتوفير اللقاح ، والاخر
بيدها وتمتلكه ويمكنها توفيره وتطبيقه واجبار مواطنيها على الالتزام به ممثلا
بالاجراءات الوقائية . وهي المعادلة التي على المواطن ملاحظتها ومراعاتها حتى يتجنب
الوقوع في براثن هذا الفيروس اللعين ، خاصة في الطرف المتعلق به ويستطيع تطبيقه
بسهولة ، وهو الوقاية الذاتية التي يمتلكها الى حين الوصول الى المرحلة التي يمكن
معها التغلب على هذا الوباء علاجيا .
وبما ان الجانب الاقتصادي ( بعد الصحي
) يمثل ابرز الجوانب الحياتية التي تأثرت سلبيا بانتشار فيروس كورونا ، لدرجة المطالبة بضرورة المواءمة
بينه وبين الصحي عند التعاطي مع هذا الفيروس ، وحتى لا تضطر الدولة بمؤسساتها
المعنية الى اللجوء للحظر والاغلاقات التي تمس العديد من القطاعات الاقتصادية
بصورة ستلحق الضرر بالاقتصاد الوطني الذي يعاني اصلا من مشاكل وصعوبات كبيرة ، فان
من المنطق القول بان قرار الحظر والاغلاقات في بلدنا هو بيد المواطن وليس بيد
الحكومة ، وذلك اذا ما التزم بالاجراءات الصحية الوقائية وقام بتطبيقها ،
باعتبارها الحل البديل الذي من شأنه الحيلولة دون اتخاذ هذا القرار . وهي مسألة
تعتمد عليه في النهاية ويمكنه تطبيقها .. اما ان لا يلتزم بذلك ، وبنفس الوقت لا
يريد من الجهات المعنية القيام بواجبها في حماية المجتمع من هذا الوباء الخطير ،
فان هذا غير منطقي ، وستكون له تداعيات خطيرة و اكلاف باهظة سيدفعها الجميع ، وبالتالي يصبح لا بديل عن تدخل الحكومة
للسيطرة على الوضع وضبط الامور بعد ان تخلى المواطن عن مسؤوليته ودوره في هذه المهمة
لحماية نفسه ومجتمعه .