من الامور التي قد لا نجد لها تفسيرا
الاهتمام الذي نلحظه على منصات التواصل الاجتماعي من قبل البعض بالاشاعة او
بالمعلومة غير المؤكده والاصرار على تناقلها وتداولها بطريقة تجعل منها العنوان
الأبرز الذي يستحوذ على هذه المنصات ، حتى اننا لا نجد فرقا بين شخص متعلم او
مثقف واخر من مستويات اقل تعليما او ثقافة في التعامل مع هذه المسألة بكل هذا
الاصرار العجيب دون التحقق من صحتها او صدقيتها . وحتى لو انتابته الشكوك حولها او
اقتنع فيما بعد بانها ليست حقيقية ، تجده يصر على نشرها وترويجها .. في المقابل
واذا ما تم نفيها او توضيحها فانه ليس على استعداد لنشر ذلك او التعامل معه بنفس
الاصرار الذي ابداه عندما كانت اشاعة . . مما يؤكد على ان البيئة التي تعيش بها
الاشاعة متوفرة في مجتمعنا مع كل أسف وهناك من يساعد على نشرها ، ويصبح من السهل
تمرير اي معلومات او اجندات يراد بها استهداف اشخاص او جهات معينة .. طالما ان
اهتمامنا بالاشاعة او بالمعلومة غير المؤكدة اكثر من اهتمامنا بالحقيقة التي لا
تجد هناك من يدافع عنها او ينشرها بنفس طريقة نشر الاشاعة .
في اشارة الى وجود قابلية للانجرار خلف الاشاعات
وترويجها لمجرد انها تمس ما يعتقد البعض انها قضايا او مسائل مهمة وتعنيه وتعزز
موقفه منها ويرى فيها ما يمكن ان يتوافق مع ما يفكر به او يعتقده تجاهها ، وانه من
خلال المشاركة بنشرها حتى قبل التحقق من صحتها ، فهو من باب التمسك بما يرى او يظن
انه يستحق لفت النظر وجعله قضية رأي عام من شأنها التأثير والضغط على صانع
القرار ، بما يشبه الرسالة الشعبية التي تعكس حالة من عدم الرضا والثقة عن تعاطي
الجهات الرسمية ذات العلاقة مع هذه القضايا ، وهو بذلك انما يعتقد انه يقدم ادلة
وبراهين على اخفاق هذه الجهات في معالجتها او التعامل معها . وما اثارته لها
وتعمده تداولها ونشرها وذلك بغض النظر عن حقيقتها الا بمثابة وسيلة احتجاجية على
سياساتها وقراراتها حيالها ، وحتى يثبت حجته او موقفه المعارض او الاحتجاجي على
هذه السياسات . وبالتالي فهو ليس معنيا بظهور الحقيقة ، طالما انها تتعارض مع
دوافعه من نشرها عندما كانت إشاعة ، اراد من خلالها تعزيز موقفه ونظرته السلبية
وعدم ثقته بهذه الجهات . حتى اذا ما تم نفي او توضيح حقيقة ما استند اليه من معلومات
، وتبين له انها مجرد اشاعات لا تمت للواقع بصلة ، فضل ترك الامور على حالها وعدم
التعليق عليها او الاسهام بنشر الرد الذي انطوى على توضيح حقيقة ما كان يعتقد انه
سيعزز من موقفه الرافض للسياسات والقرارات الحكومية والرسمية مثلا .
كما هو الحال عند نشر اخبار ( اشاعات )
عن تنظيم مسيرات ووقفات واصدار بيانات احتجاجية حول الاوضاع الاقتصادية والمالية
والاجتماعية والمعيشية المتردية ، واذا ما تبين بان ليس لها وجود ، وانها مجرد
اشاعات ، يصبح غير معني في نشر هذه الحقيقة ، طالما انها لا تخدم اهدافه من وراء
ترويجه لهذه الاشاعات . وكذلك الحال عند نشر فيديوهات ومقاطع قديمة لحالات ومواقف
سلبية سابقة ، امكن معالجتها والتعاطي
معها في حينه . اضافة الى ان هناك من يتعمد نشر مواد اعلامية من مصادر غير اردنية
تسيء للاردن وتسعى الى تشويه صورته وسمعته ، حتى اذا ما تبين له عدم صحتها وصدقيتها
، اعرض عن نشر حقيقتها .