بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
قد تكون للبعض ملاحظات حول غياب عناصر
نيابية وازنة عن رئاسة او عضوية اللجان النيابية الدائمة في مجلس النواب التاسع
عشر الحالي بحكم الخبرة او التخصص او حتى اثبات الوجود عبر محطات نيابية سابقة ،
وهو الامر الذي لا مجال لانكاره .. ولكن اذا ما نظرنا الى تشكلية المجلس سنجد ان
السمة الطاغية عليها هي وجود حوالي مئة شخصية نيابية جديدة جاءت بها صناديق
الاقتراع ، لتعكس حالة عدم الرضا الشعبي عن اداء المجالس النيابية السابقة التي
جعلت الاحتكام الى هذه الصناديق بمثابة رد الفعل او الترجمة الشعبية لحالة عدم
الرضا هذه ، بصورة جعلت النواب الجدد امام تحدي التقاط هذه الرسالة التي عنوانها
الابرز التغيير والتجديد الامر الذي تم التمهيد له في انتخاب المكتب الدائم
واختيار عبد المنعم العودات لرئاسة المجلس كشخصية شبابية قانونية وازنة لها حضورها
ومشهود لها في الاداء النيابي المميز من خلال عضويته في مجالس سابقة .. وصولا الى
نقطة مفصلية اخرى ممثلة في انتخابات اللجان الدائمة التي اراد من خلالها النواب
الجدد بعث اولى الاشارات والرسائل التي توحي او تؤشر الى هذا التوجه الجديد لعل
وعسى ان تلفت هذه الخطوة الاولى في مسيرة المجلس انتباه المواطن وتجعله يشعر بان
رسالته قد وصلت على امل كسب متابعته واهتمامه بالاداء النيابي القادم ومحاولة
تغيير الصورة او الانطباع السلبي المأخوذ عن هذا الاداء الذي لم يرتق الى مستوى
الطموح ، والذي لا يتحمل مسؤوليته النائب وحده في ظل عزوف الكثير من الناخبين عن
المشاركة في الانتخابات ، فيما البعض من المشاركين ارتضى على نفسه رهن صوته
الانتخابي بتحقيق مصالح خاصة وشخصية ضيقة تراوحت بين الاعتبارات المالية
والمناطقية والجهوية وغيرها ، وذلك على
حساب المصلحة العامة التي يفترض ان تمثل بالنسبة له المعيار او الاعتبار الذي عليه
مراعاته عند صندوق الاقتراع .
ومع ذلك علينا ان لا نتجاهل رسالة
انتخاب اللجان التي تمثل مطبخ التشريع في ظل الكم الكبير والمتوقع من القوانين
والتشريعات التي تنتظر المجلس المغيب عن المشهد السياسي مدة ليست بالقصيرة فرضتها
جائحة كورونا بشكل غير مبرر ، إذ ليس مقبولا تغيب ممثلي الشعب عن التعاطي مع هذا
التحدي الوبائي ، والذي سيمثل اولى الملفات الوطنية واهمها على اجندات المجلس
الجديد ، اضافة الى الملف الاخر الذي لا يقل اهمية عن ملف كورونا ممثلا بالملف
الاقتصادي .. وعلى ما يبدو ان النواب قد اختاروا محطة اللجان بالصورة التي ظهرت
بها للانطلاق في مهمتهم البرلمانية في مواجهة هذين الملفين الهامين ، كما الملفات
الاخرى والمتعددة التي تنتظرهم للولوج من خلالها بالاداء النيابي نحو مستويات
متقدمة ومقبولة يعول عليها في استعادة ثقة المواطن بالمجالس النيابية وهو التحدي
الابرز الذي يواجه المجلس النيابي الحالي . دون ان نغفل الاثر الكبير الذي تركه
تشكيل الكتل النيابية على انتخاب اللجان من حيث حجم وعدد اعضاء كل كتلة بعضها ضم
٣٠ نائبا ( كتلة المستقبل )واخرى ٢٣ نائبا ( كتلة القرار ) وثالثة ٢٠ نائبا ( كتلة
العدالة ) ورابعة ١٦ نائبا ( كتلة المسيرة ) اضافة الى كتلة العزم وعددها ١٥ نائبا
، وكذلك كتلة الشعب ١٤ نائبا، والتي تميزت اضافة الى ذلك بنوعية بعض الاعضاء
وخبراتهم النيابية ، وبطريقة قادت الى ان
يكون عدد هذه الكتل قليلا وحجمها وتأثيرها وفاعليتها كبيرة ، وكما عكسه اختبار
اللجان والتحكم والتأثير في نتائجه معبرا عنه في سيطرة اعضائها وممثليها على هذه
اللجان رئاسة وعضوية .. مما يعزز من الرهان على دور هذه الكتل في تجويد اداء
المجلس وتفعليه من خلال تكريس العمل الكتلوي الجماعي المؤسسي البرامجي والارتقاء
بهذا الاداء الى مستوى تحديات المرحلة ومتطلباتها .
اننا نكتب ذلك ونراهن عليه من باب
التفاؤل بالمسيرة البرلمانية والديمقراطية والاصلاحية على امل ان تأتي اللحظة التي
يقتنع معها معها مطبخ القرار ، بان قوة مجلس النواب هي قوة للنظام السياسي الاردني
ولمؤسسات الدولة ، وبانها تنطوي على مصلحة وطنية في مواجهة التحديات الداخلية
والخارجية التي فرضت نفسها على المشهد الاردني .