بقلم: د. هايل
ودعان الدعجة
عدا عن الظرف الوبائي
الاستثنائي ممثلا بفيروس كورونا ، الذي
يخيم على المشهد العام والمشهد الانتخابي القادم بشكل خاص بطريقة ستجعله مفتوحا على كل الاحتمالات ، فان
هناك ايضا حالة من عدم الثقة من قبل المواطن بالمجالس النيابية بسبب تراجع الاداء
وتواضعه والى حد ما ضعفه ، وهي من العوامل التي قد تدفع او تسهم في تراجع المشاركة
في العملية الانتخابية .. واذا ما اضفنا الى ذلك دور الناخب نفسه ومسؤوليته في
الاسهام في ايجاد هذه الحالة الضبابية والسلبية التي تسود الجو النيابي بشكل عام ،
من خلال عدم مشاركته في الانتخابات او عدم اختياره العناصر القادرة على تفعيل
الاداء النيابي بالشكل المطلوب او لربما المشاركة تحت تأثير عوامل مالية وشخصية
وجهوية ومناطقية كان لها الدور الاكبر في المساهمة في انحراف الاداء النيابي عن
المسار الصحيح ، عند ذلك سندرك ان التنمية السياسية لا يمكنها ان تترسخ على مستوى
الممارسة السياسية المؤسسية ، ولن يكون
بالامكان ارساء قواعد ممارستها الحقيقية وتكريسها في إطار بنية سياسية ملاءمة ،
الا عندما ترتقي بنية الثقافة السياسية الى مستوى قواعد واسس العمل الديمقراطي
بمبادئه وقيمه ومضامينه التي ترتكز على الايمان بتنمية روح المواطنة والولاء
والمشاركة من خلال جعل الأفراد مواطنين فاعلين ومشاركين نشطين في ادارة شؤونهم
العامة، كونها تعمل على تنمية قدراتهم على ادراك مشاكلهم بوضوح ، اضافة الى تنمية
قدراتهم على تعبئة كل الامكانات المتاحة لمواجهة هذه المشكلات بشكل علمي وواقعي ،
وتجذير الممارسات السياسية وتطويرها لتصبح أكثر ديمقراطية ، مما يحتم عليهم
المشاركة في الانتخابات النيابيةً واختيار من يمثلهم في البرلمان ويحمل امالهم
وتطلعاتهم كمواطنين يتطلعون الى الاسهام في تقدم بلدهم ونهضته . في تأكيد واضح على
المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتقهم بضرورة التوجه الى صناديق الاقتراع .. لا ان يستنكفوا ويتخلوا عن هذا الدور الوطني
ويتركوا الساحة الانتخابية لاناس اخرين يفرضوا عليهم اشخاصا يتكلمون باسمهم
ويتخذون القرارات ويقرون التشريعات التي تهمهم نيابة عنهم ..
وكما اشرت في مقالة
سابقة ، فان الامور لم تعد مقتصرة على التركيز فقط على الجوانب السلبية في الاداء
النيابي، واتخاذها حجة او ذريعة في عدم المشاركة في العملية الانتخابية ، بعد ان
تأكد لهذا المواطن ان عدم قيامه بالادلاء بصوته لن يمنع او يعطل او يوقف المسيرة
النيابية، ولن يمنع او يوقف تشكيل مجالس نيابية تقوم بمهامها الدستورية بغض النظر
عن موقفه او رأيه فيها، وان موقفه السلبي من العملية الانتخابية قد يفرض عليه
نوابا وبرلمانا من اختيار غيره وبتوجهات ومواقف مغايرة لتلك التي يؤمن بها، طالما
ان هذا الغير على استعداد للمشاركة في الانتخابات والادلاء بصوته.
ان الانتخابات التي
تجسد آلية من آليات الممارسة الديمقراطية التي تعنى بتحقيق المشاركة الشعبية في
صنع القرار، تقتضي التعاطي معها بمسؤولية وحس وطني، بحيث نقوى على افراز شخصيات
وطنية مؤهلة تعي معنى ان تكون في مواقع المسؤولية، ولديها الالمام بمتطلبات العمل
العام الذي هو في المحصلة تكليف وليس تشريفاً ... الامر الذي يضع على عاتق الناخب
مسؤولية اختيار من هو اهل لتمثيله والتعبير عن مصالحه ، لانه هو من يحدد معالم
الخريطة الانتخابية . وبنفس المنطق لا يجوز لشخص لم يمارس حقه الانتخابي ان ينتقد
تركيبة المجلس وادائه .