ليس مطلوبا من الدولة بمؤسساتها
واجهزتها المختلفة الانجرار او العمل تحت تأثير الضغط الشعبي او ما يكتب من
تعليقات على منصات التواصل الاجتماعي في القضايا الهامة التي تنطوي على خصوصية
وسرية وابعاد امنية ، ليقال بانها تستجيب
لمطالب الشارع الاردني حتى في الملفات الحساسة ، بعد ان ثبت ان الكثير من هذه
التعليقات لا يرتقي الى مستوى المسؤولية ، ولا يتحلى بروح المسؤولية ايضا ، وابعد
ما يكون عن مراعاة المصلحة الوطنية في هكذا حالات ، ويغلب عليه الطرح السلبي ممثلا
بالمناكفات والاساءات والانتقادات بمناسبة او بدون مناسبة ، وبات من النادر جدا ان
تجد للايجابية مكانا بين هذه التعليقات المستفزة والمسيئة ، وكأنها لا تعرف الا
السلبية طريقا لمشاركاتها ، حتى وان كانت صادرة عن فئات متعلمة ومثقفة مع كل اسف .
وبالتالي ليس هناك اي مصلحة للدولة في استرضاء مثل هذه النوعيات من اصحاب التعليقات
السلبية والتي تريد التدخل في كل شيء ، كالدخول في تفاصيل الحادثة او القضية
الحساسة او تبرير تأخير بث الخبر او الرواية الرسمية لها ، والتي غالبا ما تكون
لاعتبارات وحسابات امنية .
فمع كثرة التعليقات غير المسؤولة على
منصات التواصل ، والتي رافقت الانفجار الذي وقع في احد مستودعات الذخائر القديمة
قبل يومين .. فانه لا بد من التذكير بان الامور المتعلقة في كيفية التعاطي مع
المعلومة او الخبر في المسألة العسكرية والامنية في هكذا حالات ومواقف ، تتطلب
مراعاة الاعتبارات والحسابات الامنية والوطنية الدقيقة والحساسة المرتبطة بمصلحة
الدولة اولا .. والتي قد تنطوي على ابعاد وحسابات سرية وامنية .. يفترض ان لا يتم
تقديمها تحت تأثير ما يكتب من تعليقات على هذه المنصات ، ثبت ان كثيرا منها وفي
اكثر من مناسبة لا يراعي المصلحة الوطنية ومجرد من الحس بالمسؤولية .. وبالتالي
فنحن لسنا امام عملية سبق صحفي او اعلامي قد يدفع ثمنها الوطن .. طالما ان من يتعامل مع هكذا مواقف عسكرية
امنية يمتلك من المعرفة والخبرة ما يجعله اقدر من غيره على تقييم الامور ومراعاة
الصالح العام .. والذي تقع عليه مسؤولية ماذا ومتى يقرر اعطاء المعلومة بعيدا عن تأثير ضغط الحاجة لها دون مراعاة
التداعيات الامنية المترتبة عليها .. والتي قد تستفيد منها جهات اخرى خدمة
لاجنداتها الخاصة التي تستهدف من خلالها امن بلدنا ومصلحته .. مع التأكيد مرة اخرى
ان منصات التواصل كثيرا ما كانت تشكل ثغرة في جسم الوطن .. وتكون سببا مباشرا في
بث الفوضى والارباك في مشهدنا الوطني بسبب غياب الحس بالمسؤولية .
وان كنت اميل اكثر الى ضرورة تشكيل
مرجعية اعلامية وطنية رسمية تضم في عضويتها ممثلين عن كافة الجهات المعنية من
مدنية وعسكرية وامنية .. بحيث تقرر كيف يتم التعامل اعلاميا مع الحالات الطارئة
والاستثنائية خاصة من حيث التوافق المبدئي والسريع على نوعية الجرعة المعلوماتية
الاولى التي يفترض تزويد الراي العام بها بهدف السيطرة على المشهد الطارئ اعلاميا
، وبما يضمن ابقاء مصدر المعلومة او الخبر محليا .. لتفويت الفرصة على مروجي
الاكاذيب والاشاعات .