يؤكد جلالة الملك في لقاءاته المتكررة على قناعته ان الأردن سيخرج من ازمة كورونا اقوى مما دخلها، مستندا الى تقييمه الاستراتيجي لأداء بعض قطاعاتنا، وبالطبع رؤيته واطلاعه بالرغبة والاعجاب الاقليميين بمستوى أداء هذه القطاعات. الملك يرى ان نجاحنا وتفوق بعض قطاعاتنا سيؤتي اكله وسيجذب الاستثمار والفرص وهو بذلك يدعو لضرورة قنص الفرص والاستفادة من الابواب التي فتحت امام الاقتصاد الوطني. اداء مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية جلب آثارا ايجابية كبيرة يستشرف الملك ان ذلك سيترجم لفرص واعدة امام الأردن وعلى المؤسسات ان تحسن التقاطها. هذا توجيه ملكي واضح للانتباه لضرورة جني ثمار النجاح وترجمة ذلك لفرص اقتصادية ستعود بالخير على البلد والاقتصاد ومستوى الناس المعيشي. النجاح الذي تحقق لا يجب ان تكون نتيجته فقط مسموعات افضل وحالة افتخار وطنية مميزة، بل يجب ان نستفيد منه اقتصاديا ونترجم النجاحات لفرص.
وجب على المؤسسات الرسمية والاهلية ان تبرز ميزات الأردن الاقتصادية النسبية، وتحدد القطاعات الواعدة التي يجب دعمها وفتح الابواب امامها. لا بد ان يكون لدينا نقاش اقتصادي مبني على الحقائق والمعلومات عن ما هي قطاعاتنا المتميزة ذات الميزة النسبية الواضحة. كل القطاعات ستجدها تدفع باتجاه اهميتها وتفوقها لكن هذا لن يجدي وسيضيع علينا الفرص، المطلوب من الجهات المرجعية صاحبة الاختصاص ان تقول لنا وبالرقم ما هي ميزاتنا النسبية كاقتصاد وكيف يمكن ان نبني على النجاحات. هذا النوع من النقاش غائب عن فضائنا الاقتصادي فما نزال نحاول النهوض بكافة القطاعات فينتهي بنا الامر بلا مساعدة نوعية لأي قطاع.
قطاعات مثل الصناعات الطبية والعلاجية، والخدمات المصرفية والبنوك، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، وقطاع السياحة، وقطاع التصنيع الزراعي المتقدم تبرز كقطاعات واعدة للأردن فيها ميزة نسبية متقدمة في ظل تركيبتنا الاقتصادية ومحدداتها التي اهمها ارتفاع اسعار الطاقة. هذه القائمة مجرد اجتهاد لذا فعلى المؤسسات الرسمية ذات العلاقة التي تمتلك الرقم والمعلومة وعلى الجهات التمثيلية للقطاعات الاقتصادية ان تقدم هي قائمة القطاعات الواعدة، فهي الاقدر على تحديدها، وعليها بعد تحديدها ان تضع قائمة واقعية (وليس قائمة تمنيات) بالتشريعات والإجراءات التي يمكن ان تساعدها، ولا بد من ربط هذه الاجراءات وترجمتها على شكل قرارات تحفيزية مثل اعفاء او تخفيض الضرائب على المنتجات المصدرة للخارج فقط، او منح حوافز على نسبة الارباح المجنية من عمليات التصدير الخارجية لهذه القطاعات. هذه بعض من الاجراءات التي نسمع ونقرأ عنها لكن بالنهاية اصحاب الاختصاص هم الاقدر على تحديدها، ومن هنا تأتي اهمية الشراكة الحقيقية وليس فقط البروتوكولية بين القطاعين العام والخاص المرتبطة بالقطاعات الواعدة على قاعدة المصلحة المشتركة وليس الاملاء او الاستجداء.
المهم ألا نفوت الفرص التي تأتت بسبب نجاحنا في التعامل مع كورونا، وان نترجم جيدا ما يوجه به الملك، فالفرص لن تبقى تنتظرنا طويلا.