بقلم: د. ليث كمال نصراوين
في ضوء القرارات الحكومية الأخيرة التي
أعادت الحياة إلى معظم القطاعات التجارية وألغت حظر التجول أيام الجمع وسمحت بحرية
استخدام المركبات الخاصة، بدأت التساؤلات تزداد حول مصير قانون الدفاع ومدى الحاجة
إلى استمرارية العمل به في ظل استقرار الأوضاع الصحية في المملكة. إن التخفيف من
القيود المتعلقة بحرية التنقل والعمل لا يعني بأي حال من الأحوال أن الوباء الذي
كان الدافع نحو تفعيل قانون الدفاع قد انتهى. فالحاجة لا تزال ماسة إلى الإبقاء
على قانون الدفاع، ذلك أن قرار مجلس الوزراء بتفعيل العمل بهذا القانون قد استند إلى
إعلان منظمة الصحة العالمية انتشار وباء الكورونا. بالتالي، فإن وقف العمل بقانون
الدفاع لا بد وأن يرتبط بما سيصدر عن هذه المنظمة الدولية من قرارات تتعلق إما
بالخلاص من هذا الوباء أو السيطرة عليه.
وما يعزز من القول بضرورة استمرار
العمل بقانون الدفاع أن الإجراءات الحكومية الخاصة بالتعاطي مع هذا الوباء لا تزال
مستمرة. فالأردنيون العالقون في الخارج يتوافدون إلى المملكة وبحاجة إلى إيقاع
الحجر الطبي عليهم، هذا بالإضافة إلى أن عددا من القطاعات التعليمية والترفيهية لا
تزال مغلقة بسبب المخاطر الصحية المرتبطة بهذا الوباء، مما يستدعي الإبقاء على
أوامر الدفاع التي صدرت لتنظم العلاقة بين أرباب العمل والعاملين في تلك المؤسسات
والمرافق العامة.
إن ما يبرر الإبقاء على قانون الدفاع
وعدم تعطيله من جانب دستوري، أنه وبمجرد صدور الإرادة الملكية السامية بوقف العمل
بهذا القانون، ستسقط حكما كافة أوامر الدفاع والبلاغات الخطية التي أصدرها رئيس
الوزراء بالاستناد إليه. فعلى الرغم من أن العديد من أوامر الدفاع قد انتفت الغاية
منها بسبب عودة المؤسسات العامة والدوائر الحكومية والقطاعات التجارية إلى العمل،
إلا أن البعض منها لا تزال ضرورية وواجبة التطبيق، ذلك على الرغم من الانفتاح في
الحياة العامة في الأردن.
ومن الأمثلة على أوامر الدفاع التي يجب
أن يستمر العمل بها والتي تظهر أهميتها في الفترة القادمة بعد عودة القطاعات إلى
العمل، أمر الدفاع رقم (11) الذي يفرض عقوبات مالية على كل من يخالف تعليمات
التباعد الاجتماعي ولا يلتزم بارتداء الكمامات والقفازات قبل الدخول إلى الأماكن
العامة. كما أن أمر الدفاع رقم (8) الذي يشدد العقوبات على كل من يمتنع عن الإفصاح
عن إصابته أو مخالطته لشخص مصاب، أو يمتنع عن التنفيذ الفوري لقرارات الحجر الصحي
والعزل المنزلي يعد من الأوامر الضرورية التي لم تنتف الغاية منها بعد. هذا إلى
جانب أمر الدفاع رقم (7) الذي يضفي المشروعية القانونية على التعليم عن بُعد، في
ظل توقع أن يكون الفصل الصيفي القادم خارج أسوار الجامعات الأردنية.
خلاصة القول، أنه من المبكر جدا الحديث
عن وقف العمل بقانون الدفاع بسبب استمرارية الحاجة الماسة لنصوصه وأحكامه.
[email protected]
* أستاذ القانون الدستوري في كلية
الحقوق في الجامعة الأردنية