في خضم ما تشهده الساحة الامريكية وبعض الدول الاوروبية مثل فرنسا من اضطرابات أمنية احتجاجا على تعامل الشرطة مع مواطنيها اثناء قيام الشرطة بواجباتها الأمنية مثل( الاعتقال او التحقيق او القاء القبض او التفتيش الشخصي في حالات الاشتباه في وجود ممنوعات او اجراءات التحقيق وغيرها من الواجبات الاخرى ) ، فاذا ما عدنا الى نشأة الدولة الامريكية تاريخيا فان الشعوب الامريكية جاءت معظمها من اصول اوروبية، تربت على ثقافة الاستعمار وثقافة العنف وثقافة العنصرية بل ولا زالت تؤمن بهذه الثقافة التي ترسخت لديهم واصبحت متوارثة يعملون على ترجمتها على ارض الواقع من خلال التعامل بنرجسية وتعالي مع جميع شعوب البشر فالامريكان من اصول اوروبية او ما يسمون انفسهم بالجنس الابيض ينظرون الى كل شعوب العالم وحتى الداخل الامريكي الى انهم اقل منهم انسانية وبانهم اعداء ولا بد من التعامل معهم بوحشية ، فلا يوجد للامريكان اصدقاء في العالم الا ما يحقق مصالحهم ، هذه الثقافة العدائية والشخصية النرجسية لا بد ان تنتج الشرطي والجندي الامريكي الخالي من المشاعر الانسانية وثقافة الرحمة واللين في التعامل ، وعلى اساس هذه الثقافة يتم اعداد وتاهيل وتدريب رجال الامن الامريكي ، وتتبنى بعض الدول الاوروبية هذه الثقافة في تاهيل وتدريب اجهزتها الامنية للتعامل مع الاشخاص المرتكبين للمخالفات الامنية بأنواعها، ولذا لا نستهجن تصرف بعض افراد وضباط الشرطة في هذه الدول من عدم احترام لكرامة الانسان الشخصية التي كرمه الله بها ، فهذه الدول التي تتشدق بالمحافظة على الكرامة الانسانية هي الابعد عنها في تطبيقاتها الامنية والعسكرية على مواطنيها وعلى غيرهم ، فمن الثقافة الامنية الراسخة لدى ضباط وافراد الشرطة في تلك الدول ( ان كل شخص مجرم ما لم يثبت العكس ) ، وعليه في حالة الشكوى على اي شخص يتم التعامل معه على انه شخص خطير ، ولهذا يمر بمراحل اعتقاله الى التعرض الى كرامته الانسانية وذلك ابتداءً من مرحلة القاء القبض والتقييد والتي تشملها عمليات الاهانة والدعس على كرامة الانسان الشخصية _ كما رأينا _ التعامل مع جورج فلويد الامريكي من قبل الشرطة الامريكية في مدينة مينيابوليس الامريكية دون المرور بمرحلة تقدير مدى خطورة الشخص على الامن وخطورة ما ارتكبه من جرم على المجتمع وأمنه ،وهذه الثقافة الامنية تتبناها العديد من الدول الاوربية ، ،وللتاكيد على كلامي كان لي تجربة شخصية في هذا الصدد تعلمتها في احدى الدول الاورببية لن اتطرق لها الان لانها لم ولن تطبق في وطني ولا تتناسب وثقافته العربية والاسلامية.
اما الثقافة الامنية الاردنية فهي مستمدة من الثقافة الاسلامية التي كرمت الانسان دون النظر الى لونه او عرقه او دينه او جنسه مصداقاً لقوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ) فهذه الكرامة الانسانية نمت وترعرعت في خلد كل مواطن واصبحت ثقافة متوارثة تتناقلها الاجيال ويطبقونها في حياتهم على كل البشر المجرم وغير المجرم ،وهذا ما يتم تدريبه وغرسه في الثقافة الامنية الاردنية لدى ضباط وافراد الاجهزة الامنية الاردنية ومن الثقافة الراسخة لدى العاملين في الميدان الامني الاردني مبدأ ( أن المجرم بريء الى ان تثبت ادانته) وعليه فاصبح معلوما ان ليس من واجب الاجهزة الامنية الادانة او عدمها ، وليس من واجبات الشرطة اثناء الاعتقال والتقييد والسوق الى موقع التحقيق اهانة كرامة الانسان حتى وان كان شخصاً خطيراً فهناك اسلوب تعامل أمني يتم تقديره قبل مرحلة لاستخدامه مع الشخص الخطير وغير الخطير ، فليس في ثقافة الاجهزة الامنية الاردنية ما يعرف باهانة الكرامة _ لا سمح الله _ لاي مواطن مهما كانت خطورته على المجتمع فهذا الانسان في ثقافة الاجهزة الامنية الاردنية يتمتع بكرامة انسانية كرمه بها الله عز وجل ، وان كان هذا الانسان على درجة عالية من الخطورة فالقضاء هو من يجرم والقضاء وهو من يبرئ ودور الشرطة هو مكافحة الجريمة بما لا يتعارض مع الكرامة الانسانية .
قد يعترض البعض من القراء ويقول انه يوجد تجاوزات في بعض الاحيان على الكرامة الانسانية في بعض المواقع الشرطية ، نعم ربما يحدث ذلك لكنه تصرفاً فردياً لا ينم عن ثقافة امنية اردنية بل ويتم المحاسبة و بأشد العقوبات على كل تجاوز فيه تعدي على كرامة الانسان حتى لو حدث هذا التجاوز اثناء القيام بالواجب ولا التذرع به. فكرامة الانسان مقدرة وفوق كل اعتبار فما بالك اذا كان هذا الانسان اردني او مقيم على ارض المملكة الاردنية الهاشمية ، واكبر دليل على ذلك التجربة الاردنية المشرفة لاجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة في تعاملها الراقي مع كل من هو مقيم على ارض الاردن اثناء جائحة كورونا والتي لا زالت تضرب المثل العليا في حفظ كرامة الانسان وأمنه وأمانه فلها منا كل الاحترام والتقدير واعانها الله على القيام بواجباتها الامنية والانسانية بكل كفاءة ومقدرة آمين يارب العالمين .