كان سبب إنشاء شركات تأمين لأول مرة هو مساعدة الناس في تعويض ما يخسروه فيما لو تعرضت ممتلكاتهم أو أعمالهم الى حريق او قرصنة او لمساعدة العائلة فيما لو فقدت معيلها ولكل بداية صعوبتها لعدم الخبرة بكلفة اعادة المتضرر الى حياة شبه طبيعية ومع تكرار التجارب واكتساب الخبرات وصلنا الى ما هو عليه الآن من خلال قوننة التأمين بشروطه وتغطياته التي تلبي حاجة الانسان الفعلية بحدها المعقول والاردن كواحد من دول العالم التي تطورت في هذا القطاع وبوجود كفاءات تأمينية استطاعت ان تكسب احترام الاسواق العربية المحيطة بالاردن والعالمية ودول الخليج العربي خير مثال على ما أقول فالخبرة الاردنية تزيد عن 50% في سوق التأمين الخليجي وبمناصب ادارية عليا ولولا قوانين الخلجنة المعمول بها لكانت النسبة اكبر فالمنفعة متبادلة بين الطرفين فقاصد تلك الدول هدفه توفير حياة معيشية كريمة لعائلته خلال سنوات الهجرة وبالمقابل فتلك الدول تستطيع تطوير قطاع اقتصادي مهم من خلال استقطاب خبرات متقدمة بكلفة أقل مقارنة مع الاوروبي والامريكي ومع ذلك فأنظار المواطن الخليجي اتجهت الى هذا القطاع وبترأسه مناصب عليا كمواطن محلي استطاع ان يكسب خبرة واسعة امام فرص متوفرة له لزيادة علمه وعمله التأميني باشراكه بدورات عالمية في شركات الاعادة والمعاهد المتخصصة في التأمين.
ولو عدنا الى السوق الاردني وما سيتجه اليه في الايام القادمة بربط اعمال التامين بالبنك المركزي فهي تجربة ناجحة في دول الخليج لوفرة رأس المال وكبر حجم الاعمال والمشاريع التي تحتاج الى حماية تأمينية مقارنه بحجم ما يشابهها في الاردن فمن الظلم وضع شروط مالية كبيرة على شركات تأمين محلية لايتجاوز رأسمالها في احسن حالاته وندرته العشرة مليون دينار وسوق يشكل تأمين السيارات يزبد عن 45% من محفظته وهو فرع مخسر للشركات مقارنة مع الاقساط المتحققة وتنعدم ثقة المواطن به بالاضافة الى ان هذا القطاع يحتاج الى استقلالية في قراراته وليس الى بيروقراطية العمل ومزاجيات و مجاملات وارضاءات شخصية على حساب مصلحة المواطن فخسارة البنوك نادرة واقل بكثير من خسارات شركات التأمين لانها دافعة للتعويضات والبنوك لايعنيها ذلك بوجود شكاوي من تصرفاتها تجاه عملائها من حيث فرض تعليمات وقوانين وفوائد وغرامات لاتتناسب مع أوضاع المواطن المالية وتعتبرها الادارات فهلوة لتحقيق ارباح على حساب المودعين واصحاب الحسابات ولايتدخل البنك المركزي كثيرا في ذلك تاركا الميدان لحميدان وهذا لا ينطبق مع مسؤولية قطاع التأمين القانونية والاخلاقية فعند وضع شروط مالية كبيرة على شركات التأمين ستهرب من السوق مخلفة وراءها مسؤوليات لم ولن تفي بها مهما كانت بالاضافة الى قطع ارزاق موظفيها ومقدمي الخدمات المساندة من وسطاء ووكلاء ومسوي خسائر وغيرهم في حال فرض شرط تاسيس شركات براس مال عال فسيكون السوق محتكرا لاصحاب المال والنفوذ لان غالبية مقدمي الخدمات من اصحاب العمل المتواضع في ظل غياب صلاحيات محتكرة لشركات التأمين وسيؤدي الى سيطرة اصحاب المال على القرار التأميني وستكون هناك حلقة مفقودة في التأمين مما يزيد نسبة البطالة في المجتمع عكس فيما لو ترك الامر لهيئة تامين مستقلة بقراراتها وبتصويب اوضاع الشركات وتحديد مسؤوليات كل الجهات مما سيعطي مردود ايجابي لهذا القطاع اسوة بتجارب دول الخليج التي اخذت الفكرة الاردنية وتم العمل على تطويرها بما يتلاءم مع حجم السوق عندهم وقد يحافظ الاردن على مواطنيه من الهجرة والاغتراب .