مجرد قراءة عاجلة للمتغيرات والحقائق التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة الأخير تجعلنا نقر، ونبصم بالعشرة بأنه لا أمل في إصلاح مؤسساتنا فنهج الفساد و التنفيع و التكسب أصبح أصيلا وجزء لا يتجزأ من الممارسات المعتادة للمسؤولين كافة، من شر التقرير لم تسلم وزارة أو دائرة عاملة الا وسلط الضوء على خفايا الهدر و التجاوزات المالية و الإدارية ، فكان ناقوس يدق مكامن الخطر ، ويقتحم أعشاش الدبابير "ويا كثرها " بكل أسف .
التقرير السنوي لديوان المحاسبة لربما كان الهدف منه أن يكون قيدا مرجعيا وتقييم لحالة الأداء و العطاء في مؤسساتنا الى أن الغاية تبدلت فالإنجاز لا يذكر أمام الحقائق الموثقة بالأرقام التفصيلية للتجاوزات والفضائح إن جاز لنا التعبير ، فمن تجرأ على وطنه يستحق أن يجرم ويدان و يعاقب مرتين على الأمانة التي انتهكها وعمله الذي أقسم اليمين على القيام به بأفضل صورة ، وكأنما هناك اتفاق ضمني على أن نقتسم الوطن حصص ومكتسبات ، كلنا ندعي العمل وقلة يتقنونه ويقومون به بإخلاص وأمانة .
جيد أن وصلنا الى التقرير وما ورد فيه من حقائق لا يشوبها لبس أو تسويف ، وقد رفع الى الجهات صاحبة الاختصاص للنظر ، السؤال البديهي ما الخطوة القادمة هل سيطوى أرشيف وذكرى خيبة أمل في مؤسساتنا ؟ ، أم سيبقى ورقة ضغط نلوح بها على مقترفي الفساد والتجاوزات متى أردنا الوصول الى مكتسبات وتنفيعات خاصة ؟ ، أم ستكون الطلقة الأخيرة في سجل الخطابات الرنانة للمنابر النيابية و الإعلامية؟
ما نريد ... نريد وطنا رغم قلة المال لكن يشهد له بأمانة الرجال ، وطن على قيد الأمل والعمل ، وطن يحاسب المقصر والفاسد ،نريد إرادة جادة في محاسبة الفاسدين وكل من يتجرأ على المال العام و المؤسسات بعيدا عن جهويتنا وفزعاتنا ، الوطن يأن ونحن الوجع .
تقرير الفساد الأخير قنبلة موقوتة فإما أن نقف حقيقة في وجه الفساد دون التهاون والتعاطف مع متسببيه أو نقف كشاهد الزور على توزيع ما تبقى من حصص كجوائز ترضية للفاسدين ، وأن ننعى مؤسساتنا وان نخجل ونكف عن المطالبة بالإصلاح فهو منبوذ ولا يتفق مع إرادتنا الباطنة بأن نصل للربح و الفوز بأكبر نصيب حتى لو كان على حساب الامانة التي خناها ،فالمؤسسات الحكومية مزارع لمن يستقوي فيها.