بالرغم من فظاعة ما حدث في احدى نساء الاردن من عنف منزلي و همجية، الا ان احدا لا يجرؤ ان يتحدث بصراحه عن منظومة حماية الاسرة في الاردن و التي تملاهما الثغرات .
لم يدق ناقوس الخطر بعد عدة وفيات بسبب العنف لاطفال مثل حادثة الطفل الذي تم اغراقه لاخفاء جريمه متكررة بسبب الاهمال قبل اقل من عام في سحاب، ثم قبل اسابيع في حادثة قتل امرأة تحت الضرب علي يدي زوجها، وهي جريمه قتل متعمده، لان الضرب المضي الى الموت هو جريمه فيها سبق اصرار و ترصد .
حيث ان منظومة القطاع النسائي بحاجه اساسا الى المراجعه، نتسائل عن الدور الوطني في صناعة حماية حقيقة للاسرة، كيف سنصل الى هذة الحمايه و متخذ القرار لا يعلم بحيثيات و معاناة النساء، ما وصل الينا من حوادث عنف همجية اجراميه تجعلنا مقتنعين ان منظومة الحماية المقدمه للاسره غير كافية و غير منتشرة بشكل كامل و لا يوجد لجان تتابع بشكل حثيث هذة المنظومه و تقوم الاخطاء و تعالج الفجوات .
لعل اخطر ما تفوهت به السيده التي فقدت البصر الى الابد هو انها كانت امام طريق مسدود, فلا تريد ان تفقد ابنائها، وهي تدرك حجم العنف الذي يمارسه زوجها. في منظومه الحمايه في الاردن هذة من اخطر المعضلات التي تقف حائلا من ان تمارس المراة حقها في العيش بعيدا عن العنف و الموت و الاعاقه، فللاسف عندما تضطر الزوجه الى الابتعاد عن الزوج فهي لا تجد لها منزل، لان القانون وهو وضعي يمنح ما يسمى ببدل ايجار وهو يكاد يكون مبلغ زهيد و تتحصل عليه بعد طلاقها وبعد جلسات عديدة تمتد لاسابيع . وفي حالات عديدة و كثيرة يرفض اهل الزوجه استقبال اطفالها اما تحت تهديد الزوج كي يمارس ابتزاز بشع على زوجته او تحت الظروف الاقتصاديه الصعبه لاهلها ..فتضطر ان لا تخرج من بيتها و تتحمل تلك الظروف لتبقى مع ابنائها, بالرغم من ان هذة المشكله تكاد ان تكون من اكثر المشكلات سهولة في الحل، وبل حلها سيشكل نقطه فاصله في عملية الحد من العنف الاسري والتجاوز على حقوق المراة .
ان المرأة التي تدرك ان هناك سبيل و طريق لخلاصها من هذا العنف ولن يشكل عليها اي تحدي مالي او امني او نفسي فانها لن تتردد في اللجوء اليه، واهم هذة التحديات وجود بيت يتم استئجاره على حساب الزوج و يتم الاتفاق علي ان تتسلم بيتا و ليس بدل ايجار بيت في الحالات التي تتوجب ذلك و تتكفل الجمعيات و التنمية الاجتماعيه بتامين الاثاث اذا لم تتمكن السيده من تامين اثاثها .
عندما نتحدث عن منظومه اي تغطية كافة الجوانب المتعلقه في عملية الحد من العنف المنزلي و معالجة الثغرات التي تدفع السيدات المعنفات الى البقاء ضمن دائرة العنف و الخوف، ويتبين بعد كل هذه الجهود الاعلامية و الحملات التوعويه و التي لم نحصد من ورائها اي تقدم في مجال الحد من العنف المنزلي ان ننطلق و نفكر قليلا خارج الصندوق او خارج الابراج العاجية التي يقطن بها متخذي القرار .
ومن ضمن ابرز تحديات منظومة حماية الاسرة في الاردن هو ان يتم وضع في كل مركز امني شخص مختص بالتعامل مع قضايا العنف المنزلي و الاحداث، لان غياب ايضا المختص في التعامل مع الحالات التي تتقدم للشكوى في المركز الامني و تأجيل ذلك الى حين التوجه الى مركز حماية الاسرة هو أمر في غاية الخطورة و الارباك، ان تكون قضايا العنف المنزلي من القضايا التي يجب ان تعامل بحزم و بشده و بشكل سريع وهو امر غير موجود في مراكز الأمن في الاردن ,حيث يطلب المركز الامني من الضحية المشتكية من العنف الذهاب الى مركز صحي و التحصل على تقرير، حيث تضطر ضحية العنف المنزلي التوجه الى دائرة حماية الاسرة المختصة و قد تكون خارج محافظتها و متابعة الاجراءات في ظروف نفسية سيئة و احيانا الحالة المادية الصعبة .
ومن أبرز الأمور التي يجب العمل عليها ضمن منظومه حماية الاسرة في الاردن ان يتم وضع كوادر التنمية الاجتماعية ضمن شبكه الحماية المجتمعية و التي تتابع بزيارات ميدانيه موثقه في الصور و التسجيلات للأطفال الايتام المقيمين عند اقربائهم و المقيمين عند ازواج امهاتهم او زوجات الاباء، حتى الاطفال المتواجدين مع الامهات المطلقات بحكم الحضانة، يتوجب زيارتهم و توثيق حياتهم و الاطلاع على سجلاتهم المدرسية . كما يحدث في كل دول العالم .
ان ألمنا لما يحدث لسيداتنا من عنف وصل الى حد الاجرام هو امر يجعل من الاهمية العمل بشكل حثيث و قريب للمعنفات، و تفعيل الشبكة القانونية الوطنية من امن عام و بحث جنائي و شرطه مجتمعية للحد من خطورة هذه الظاهرة، لقد سمعنا بمن ماتت تحت الضرب و اخرى اقتلع عينيها بكل برود، و لكن هناك ايضا سيدات يقبعن تحت اسوأ الظروف من عنف منزلي و غير قادرات على مغادرة هذه المنظومة العنيفة، في ظل غياب الحلول المناسبة فهذه المنظومة يجب ان تدرس تماما كل التحديات امام المرأة و ان تقدم الحلول بناء عليها .