تعد الإيجابية أحد سمات الشخصية أو
بتعبير آخر مجموعة من السمات المترابطة والمتفاعلة معا بشكل ديناميكي؛ ويمكن القول
إنها الخروج من دائرة التمركز حول الذات والانفتاح على العالم الخارجي والرغبة
الحقيقية فى إصلاح الذات وإصلاح المجتمع، ووجود إرادة مثلى نحو التغيير للأفضل،
والقدرة على التفاعل الجيد مع الآخرين، بالإضافة إلى التفاؤل وتوكيد الذات والوضوح
وحل المشكلات واتخاذ القرار السليم والتخطيط للمستقبل؛ مما ينعكس على الشخص
الإيجابي حالة من الطمأنينة الروحية.
غالبا ما يتعجب الأشخاص ويتساءلون ما
هو السبيل لتبني مبدأ الإيجابية وتطبيقه فى كافة مناحي حياتهم وأثناء تفكيرهم أو
تصرفهم فى أمر ما؟ وخاصة في حالات عدم السعادة أو الرضا عن الأحوال التي تحيط بهم،
أو عندما تضيق بهم ظروف الحياة وتصبح صعبة وقاسية، بل ويجدون صعوبة فى تحقيق
الإيجابية عندما يكون السلام النفسي سائدا ولا يوجد ما يؤرقهم. وبالرغم أن العديد
منا يعلم كيف يكون إيجابيا في مختلف حياته، في حين أنه لا يعلم كيف يفعل هذا؟
مخطيء من يعتقد أن بعض الأشخاص يتمتعون
بنسبة مئة بالمئة من الإيجابية، فمن شأن هذا إلغاء إنسانيتهم وإصابتهم بحالة من
اللامبالاة، لذا فإن التدفق الإيجابي يشير إلى النسبة المئوية من الوقت أو الحياة
التي تعمل فيها عقولنا لصالحنا، هذا يعني أن عقولنا أيضا تقف إلى جانبنا، فتلعب
دور الصديق، وقد تقف ضدنا وتلعب دور العدو أحيانا آخرى، من هذا المنطلق خرجت
العلاقة النسبية بين القطبين: الإيجابية والعقل، فاتخذ العلماء معدلات الذكاء
الإيجابي مؤشرا حقيقياً لتقييم الطاقات المستثمرة والإمكانات المهدورة؛ ولأنّ
عقلنا قد يكون الصديق المخلص، أو العدو اللدود لنا؛ حينها فقط ترتفع معدلات
الإيجابية، وهذا يعني أن العقل قد اتخذ دور الصديق والعكس صحيح أيضا.
وبذلك يمكن تعريف الذكاء الإيجابى: أنه
القدرة على إدارة العقل ليعمل لصالحنا وهذا يعني القدرة على ابتكار اساليب وحلول
جديدة تتكيف لمشكلة أو موقف معين، ناهيك أن المعتمد على الفهم الإيجابى والموجه
نحو هدف إيجابي يتصف بالحكم على الأمور، بعيدا عن العادات السلبية التي لا تنفك
تطل علينا بين الحين والآخر، والتي غالبا ما تكون ناشئة من أنفسنا، فالعادات
السلبية تنشأ عادة عندما يلعب عقل الإنسان دور العدو، وهنا لا نحتاج أن نبحث عنها
كثيرا لأنها على الأغلب تكون إحدى خصالنا الشخصية الكامنة فينا، ولسوء الحظ لا
يستطيع الإنسان التغاضي عنها والمضي قدما نحو أهدافه، فهذه الخصال يطلق عليها
علماء النفس أعداء النجاح؛ وقد لخصها شيرزاد شامين في كتابه (الذكاء الإيجابي)، ب
10 سمات للشخصية ألا وهي:
المنتقد؛ وهو العدو الأكبر والمشترك
بين معظم الناس لتصيد الأخطاء لأنفسنا ولمن حولنا، مما يتسبب في إشاعة التوتر
والضغط النفسي والشعور بالإحباط والغضب.
المدقق؛ الذي يتمثل سلوكه في السعي
المفرط للتميز والإبهار والكمال، فيتمحض عن هذا السعي الشعور بالاستياء وعدم الرضا
عن النفس وعن الآخرين.
بالإضافه إلى سمة المتملق؛ التي تحثنا
على كسب استحسان الآخرين بتقديم المساعدات والمجاملات والإطراء.
ويعتبر إدمان العمل من ضمن هذه السمات
بحيث يكون اتخاذ العمل الدائم والإنجاز المصدر الوحيد لاحترام وتقدير الذات، مما
يؤدي إلى الاستماته في العمل على حساب الحياة الشخصية.
ولا شك أن إتخاذ دور الضحية سمه سلبية
يتمخض عنها استنزاف الطاقة الذهنية والعاطفية وتوليد مشاعر الذنب والإحباط في
صاحبها ولمن حوله.
أما سمة المسيطر؛ الذي تحركه رغبة ملحة
في التحكم بكل الأمور وترويض كل من حوله بما يتناسب مع مصالحه، فينتج عنها أن يفقد
الشخص سيطرته على نفسه، فيستسلم للغضب على نفسه وعلى من حوله.
وسمة المتشتت؛ الذي يعيش في دوامة من
الانهماك الدائم والبحث عن اللا شيء وكل شيء، فيصاب بالصداع والضياع.
وتأتي سمة الحذَر؛ الذي يصاب صاحبها
بحالة من الريبة والشك من كل من حوله؛ هذه الحالة تنهك صاحبها وتسلبه متع الحياة.
بالإضافة إلى سمة عاشق المنطق؛ الذي يبالغ في تطبيق المعالجة التحليلية على كل شيء
بما في ذلك العلاقات والأصدقاء.
وأخيرا، النائم (الحالم)؛ الذي يتجنب
الواقع الأليم ويركز على الجوانب الإيجابية والمشرقة فقط، إلى أن يغرق في الهموم
والمشكلات المتراكمة وتنفجر بوجهه قبل أن يفيق.
ولتجنب مثل هذه السمات السلبية، يجب أن
نحرر أنفسنا من قيودها، وأن يكون لدينا المحفزات التي تعزز البقاء والاستقرار
العاطفي التي من شأنها محاربة كل هذه السمات السلبية، فنحن بحاجة إلى الاستقلال
والتخلص من المؤثرات الخارجية في شؤوننا الداخلية، بالإضافة إلى حاجتنا إلى القبول
واكتساب ثقة ومودة واستحسان الآخر…