بقلم: سيف تركي أخو أرشيدة
من المفارقات العجيبة التي يشيب لها
شعر الرأس لمجرد التداول فيها ، اننا ننعت أنفسنا بدولة القانون ، الدولة المدنية
، و غيرها من الألقاب و التي من شأنها وضعنا على قائمة غينيس للأرقام القياسية كــ
أكثر الشعوب محبة للقانون نظريا ، لا واقعا و تطبيقا ، فما بيننا و بين القانون ،
كما بين السماء و الأرض من اتساع ، نحب كثيرا سن التشريعات و الأحكام ، ولكن نحب
أكثر أن نبقيها حبيسة الأدراج و المذكرات ، فقط قانون لغايات التشريع و بعيدا كل
البعد عن التطبيق .
أسبوع متأزم عاشته المملكة و قامت الدنيا ولم
تقعد وذلك بفضل التهويل الأعلامي و الأكشن الفضائي عبر صفحات التواصل ، ولكن كما
نعلم أنه لا دخان بدون نار ، فما تم أكشنته من مقاطع و مواقف جاءت كردة فعل تالية
للرفض الشعبي و السخط العارم على منع و مكافحة التهريب ، فنحن بالأساس ننعم
بالمتناقضات نطالب بالقوانين و نرفضها ، فكل ما نسعى اليه مجزوء لا الكمال ، غاية
الغرابة و الاستهجان و كأن القانون سوط .
مكافحة
التهريب تدخل في امننا الوطني ، القصة لا تدخل في رفض ادخال كروزات الدخان و انما
الأمر أخطر بكثير فقد جرى تهريب الأزمات من دول الجوار الينا ، فتم تهريب المخدرات
و السلاح و الخلايا النائمة كذلك ، للحد الذي بلغ التشفي و تمنيات الشر و الإنزلاق
في المهالك .
و مع ذلك
كنا نراهن على وعينا الوطني كي لا نبلغ من المهاترات حد تجاوز المصلحة الوطنية أو
تبرير الباطل و التصفيق للخروج على القانون ، فنحن لن نكون كما الجوار ، سنبقى بلد
الأمن و الأمان و لن نسمح للأخر بتصدير أزماتهم الينا .
يبقى القول علينا كأبناء الوطن الواحد من شتى
الأصول و المنابت أن نوقظ ضميرنا تجاه الوطن و أبنائه ، و ان لا نعتبر تجاوز
القانون سنة ، و الإنتفاض للشوارع وجهة نظر ، و التخريب و الإعتداء على رجال الأمن
تعبيرا عن حرية الرأي .
الوطن اهم منا جميعا ، فما تم بناءه عبر مسيرة
وطنية شاملة من الثورة العربية الكبرى لليوم بني على حق و قانون ، وثق بالرضا و
القبول ، جاء ساعيا وراء دولة نهضوية عصرية بفكر هاشمي بناء ، لذلك جعل من الأردن
مطمع و هدف للمارقين من الساسة من غير الأردن هادفين بكل جدية الى هدم مسيرة
الحضارة و البناء .
نؤمن بأن الدستور كفل حق العمل للجميع و لكن ليس
فيما يضر الصالح العام ، فعبادة المال لا تتفوق على عبادة الوطن ، فممارسة التهريب
و الثورة ضد من يثور على هذه الممارسات باطلة و لا نرتضي بها ، حالها حال الأمور
الأخرى التي أخلت بحالة الأمن و خاصة الأعتداءات على رجال الأمن ، و عدم الإمتثال
لقوانين السير ، و حوادث النوادي الليلية و البارات ، و السرقات و غيرها من
الظواهر الطارئة يجب أن يكون هناك مؤتمر وطني اصلاحي يضع يده على الجرح و يضع نقاط
مفصلية تكافح كل ما من شأنه الإضرار بالنفس و الأخرين و الوطن ، فالمواطنة ممارسة
قبل أن تكون إدعاء ، فمن يدعي الحضارة عليه ان يستجيب للقانون بكل تفاصيله لأ أن
يسعى للأخذ بجزئيات و التجاوز على ما تبقى منه .