بقلم د. مصطفى البرغوثي*
من أخطر الأمور التي صدرت عن فريق
" صفقة القرن" على أعتاب الدعوة لورشة البحرين، المطالبة بتصفة وكالة
الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) ونقل خدماتها لما سموها
الدول المضيفة.
وقد عبرت تصريحات غرينبلات الغاضبة ضد
الأنروا عن إحساس الفريق الأميركي بالفشل، بعد أن صمدت وكالة الغوث لقطع المساهمة
الأميركية والتي تصل إلى ثلث ميزانية الوكالة.
وليس الأمر بحاجة إلى ذكاء مفرط كي
يدرك المرء أن الهجوم على وكالة الغوث يستهدف حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى
ديارهم التي هجروا منها في فلسطين.
إذ يعرف الفريق الأميركي أن وكالة
الغوث أنشأت بقرار أممي من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن إنشاءها وبقاءها
مرتبط بتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 194 والذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينين
المهجرين في عام الى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 وهو يظن أن تصفية وكالة
الغوث سيعني تصفية قضية اللاجئين.
ومن الواضح أن استراتجية غرينبلات-
كوشنر- نتنياهو ترمي إلى تفكيك وتصفية حق العودة كجزء من تصفية الحقوق الوطنية
الفلسطينية.
وبالتالي فإن الحفاظ على وكالة الغوث،
صار مرتبطا بالحفاظ على حق العودة الذي لم، ولن، يتنازل عنه الفلسطينيون.
الغريب، بعد كل ما حدث على أرض الواقع،
وما سمعناه من تصريحات رسمية من فريق " صفقة القرن" ، أن بعض الناس ما
زالوا يتسائلون عما ستتضمنه هذه الصفقة.
وللتذكير فقط، سأشير إلى ما نُفذ،
وما أُعلن عنه حتى الآن رسميا من قبل فريق
ترامب:
أولا – الإعتراف بضم القدس وبأنها
عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية لها.
ثانيا- الإعتراف بالضم غير الشرعي
للجولان المحتل.
ثالثا- إعلان التخلى عن حل الدولتين
وعن هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
رابعا- قطع30% من ميزانية وكالة الغوث
الدولية والمطالبة بتصفيتها.
خامسا- قطع المساعدات عن الفلسطينيين
بما في ذلك المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
سادسا- الإعلان عن مؤتمر البحرين
لتقديم الحل الإقتصادي كبديل للحقوق السياسية ولتسريع عملة التطبيع .
سابعا- المساعي الحثيثة لفرص تطبيع بين إسرائيل والمحيط العربي على
حساب القضية الفلسطينية، ودون إنهاء الاحتلال ونظام الأبارتهايد.
ثامنا- منح غطاء كامل، ودعم سياسي
مفتوح للتوسع الإستيطاني الإستعماري بصورة لم يسبق لها مثيل.
تاسعا- التلميح بشرعية ضم المستوطنات
الإستعمارية والجزء الأكبر من الضفة الغربية لإسرائيل.
عاشرا- تغيير معايير السياسة الأميركية
فيما يتعلق بفلسطين لتصبح مطابقة لسياسة نتنياهو العنصرية المتطرفة.
الصورة واضحة، ولكنها تصطدم بحقيقة أن
هناك إجماعا فلسطينيا شاملا على رفض ما يسمى" بصفقة القرن"، وعلى رفض
التعاطي معها.
قديما قال الإستراتيجي والقائد العسكري
الشهير " كلاوزفيتز" أن أي طرف لن ينتصر في أي حرب، أو صراع، ما لم يكسر
إرادة خصمه ويجعله يقر بهزيمته.
وهذا ما لم تستطع إسرائيل تحقيقه رغم
الإحتلال، والقمع العسكري، والتنكيل، ومنظومة الحصار والأبارتهايد، وهذا ما لن
تستطيع "صفقة القرن " أن تحققه، لأن إرادة الشعب الفلسطيني لن تكسر.
*الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية
الفلسطينية