كتب حسين الرواشدة:
اربعة ملفات فساد بين يدي القضاء، المتهمون
فيها وزراء سابقون ونواب، وعلى النار ملفات اخرى لمسؤولين كبار، ربما تفاجئنا
الايام القليلة القادمة بوقوف بعضهم خلف القضبان، ليأخذوا نصيبهم من «العدالة»،
هذه التي اشتاق الاردنيون لرؤيتها تمشي على الارض حقيقة لا مجرد شعارات تحلق في
الهواء.
لا يوجد في بلادنا اقبح من الفساد، ولا يوجد
خبر يسعد الناس ويطمئنهم اصدق واجمل من كشف الغطاء عن الفاسدين ومحاكمتهم، لا تهم
الاسماء هنا، ولا الوطنيات المغشوشة التي كانت مجرد اقنعة يتغطى بها هؤلاء
لايهامنا انهم شرفاء ومخلصون، المهم ان نعيد لبلدنا «نظافته»، ولابنائنا حقهم الذي
سرقه من سطا على اموالهم واعمارهم ومستقبلهم، والاهم ان تكون محاسبة هؤلاء
ومعاقبتهم درسا للاخرين الذين «ولغوا» في المال والامتيازات الحرام او غيرهم ممن
«يتشوف» ويفكر في ذلك.
اللهم لا شماتة، فنحن لسنا دعاة انتقام وانما
دعاة محاسبة ومعاقبة، ونحن لا نريد أن نقتص من هؤلاء بذاتهم - متى ثبت فسادهم-،
ولكننا نريد ان نؤسس لمرحلة جديدة يعلو فيها صوت القانون على كل صوت وتتلاشى فيها
قيم «الشطارة» والمحسوبية، وتستيقظ الضمائر التي أقسمت على الاخلاص للبلد فلم
تلتزم بالقسم، ويتعلم الآخرون من الدرس ليجتازوا امتحان المسؤولية.
أبشع أنواع الفقر ما كان متزامناً مع الفساد،
وأسوأ شعور بالبطالة ما كان مرتبطاً مع المحسوبية والشللية، وفساد التعيين وتفاوت
الرواتب، لأنه في غياب «الفساد» وسيادة موازين العدالة والمساواة، يكون الناس
«أكثر» قناعة ورضى حتى لو كانوا فقراء.
اذا صحت المعلومات التي وصلتنا، ورأينا بأعيننا
قبل هذا العيد «زمرة» جديدة من الفاسدين، عندها سنطمئن باننا وضعنا اقدامنا على
الطريق الصحيح من جديد، لكنها ستكون خطوة في طريق طويل، فنحن نعرف ان «مؤسسة»
الفساد أصبحت أقوى مما نتوقع، وأوسع مما نظن، ونعرف ان «للفاسدين الكبار» شبكات
نفوذا وعلاقات عامة، وحساب ومصالح ممتدة ومعقدة، ولكن ما يشجعنا أننا بدأنا، وان
وجود الارادة السياسية، ويقظة عين الرقابة، وفتح أبواب «المساءلة» ورفع موازين
العدالة، وكسر حواجز الخوف.. كفيلة بضرب هذه «البؤر» وتطويقها، وكفيلة بإضعاف
شبكاتها وردع المتورطين فيها والمتعاملين معها، وكفيلة بتحرير بلدنا «الفقير» من
هذا «الطاعون» الذي فتك به وأجهز على مقوماته وكرامة الانسان فيه.
بانتظار القادمين الى منصة العدالة لينالوا
عقابهم، سيفتح الناس أعينهم على صورة بلدهم من جديد، وسيكونون أكثر ثقة «بالإصلاح»
ودعواته، ولكن أخشى ما اخشاه أن تمر القافلة أمامهم ثم تمضي إلى طريقها.. وتعود
إلى «مواقعها» ونكتفي بإعادة ما كنا رددناه: «هي مجرد شبهة فساد فقط « ثم نطوي الصفحة.
الدستور