بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
ما يزال التعاطي الاردني الرسمي
والشعبي مع ملف المرأة يعاني من خلل كبير في ظل النظرة الى المرأة الاردنية
باعتبارها حالة واحدة ومستوى واحدا وظروفا واحدة ، دون الاخذ بعين الاعتبار
الفروقات والاختلافات الواضحة في الظروف والمستويات المجتمعية ، التعليمية
والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية وغيرها بين النساء الاردنيات في
المحافظات والمناطق المختلفة . مما يجعل من هذا الملف الوطني الحيوي والهام
مشوبا بعيب غياب الاسس والمعايير الموضوعية في التعاطي معه والحكم عليه ، والذي
علينا مراعاته عند تناولنا لقضايا المرأة ، وذلك قبل الحكم على الحيز الذي تشغله
في المشهد الوطني ، وما اذا كان ينصفها ويرتقي الى مستوى تطلعاتها وطموحاتها ام لا
.. على اعتبار ان الخلل يكمن في معيار التقييم بداية ، الامر الذي سيقود الى نتائج
خاطئة وغير موضوعية بالضرورة ، طالما الخطأ او الخلل يكمن في الاساس المعتمد في
دراسة الاشياء والحكم عليها . فالملاحظ انه ورغم هذه الفروقات المجتمعية ، الا ان التركيز
منصب على فئة معينة ومحددة من النساء الاردنيات ، وفي العاصمة وفي جزء منها ،
ممثلا بغرب عمان تحديدا ، من اللواتي يعشن ظروفا حياتية ومجتمعية متقدمة على
نظرائهن في بقية محافظات ومناطق المملكة ، بحيث يتم اختزال واختصار ملف المرأة
الاردنية وتقييمه والحكم عليه في هذه الفئة الاجتماعية بعينها . لدرجة ان
هذا الوضع انعكس على تفكير مطبخ القرار الاردني في اقتصاره التعيينات في الوظائف
الحكومية والرسمية الهامة والمتقدمة عليها ، بدليل تضمين الحكومة الحالية عند
تشكيلها سبع نساء من لون ومستوى وبيئة وثقافة معينة ، تمثل جزءا من عمان ، وتتجاهل
المرأة الاردنية في الجزء او الاجزاء الاخرى منها ، وفي بقية المحافظات والمناطق
والمجتمعات المحلية ، التي ما زلنا نتعامل
معها بلغة الاحسان والجمعيات والمشاريع الخيرية ، ومراكز الخياطة والحرف اليدوية
والمهنية في تكريس واضح لهذه الفوارق الطبقية المجتمعية في مجتمعنا الاردني . مما
يجعل المرأة الاردنية غير ممثلة تمثيلا حقيقيا ( من قبل المرأة نفسها ) عند تناول
ومناقشة القضايا والملفات التي تخصها ..
إذ كيف لفئة تنعم بالظروف والفرص الحياتية والمجتمعية الملائمة ، ان تعبر عن مصالح
فئات أخرى لا تتوفر لها مثل هذه الفرص والمزايا . تأكيدا على التفاوت في المستوى
الثقافي والاجتماعي بينهما . مما يعني عدم وجود حالة من الانسجام والتوافق حول
قضايا المرأة الاردنية ، وبالتالي عدم وجود من يحمل همها ويتكلم بأسمها على قاعدة
من العدالة والمساواة ، لضمان وصول رسالتها الى كل من يهمه الامر بموضوعية . وذلك
لعدم وجود ممثلات حقيقيات قادرات على تمثيلها والتعبير عن مصالحها في المناطق
الاردنية المختلفة . مما يتطلب توفير قيادات نسائية في كافة البيئات المناطقية ،
كما هو الحال في انتخاب نساء في المجالس النيابية والبلدية والمحلية ومجالس
المحافظات ،تفعيلا لدورهن في المشاركة في عملية صنع القرار وادارة شؤون الدولة ،
مع ضمان توفير قنوات اتصال وتواصل وتفاعل ومتابعة ، ومد جسور من التعاون والتنسيق
بين مختلف القيادات النسائية للوصول الى توافقات وتفاهمات وقواسم مشتركة حول قضايا
المرأة المراد بحثها وطرحها للنقاش والدفاع عنها
، بعد ان تكون الصورة عن هذه القضايا قد اكتملت اركانها وحظيت بالاحاطة
الشاملة وتوحدت لغة الخطاب بشأنها ، بحيث لا تكون مقتصرة على فئة نسائية معينة ،
تتحدث باسم المرأة الاردنية وهي غير ملمة بكافة تفاصيل المشهد النسوي الممتد على
كامل الجغرافيا الاردنية . لذلك علينا التوقف عن كيل الاتهامات وتوجيهها الى
التقاليد والاعراف والانماط والموروث الثقافي والاجتماعي ، وتحميلها مسؤولية
الاخفاق في التعامل مع ملف المرأة ، طالما ان مثل هذه المسؤولية تقع بالاساس على
عاتق المرأة الاردنية نفسها ، حتى انها لم تنجح باقناع المرأة بانتخاب
المرأة . اضافة الى فشلها في تكوين رأي عام اردني نسوي يتبنى قضاياها ويدافع
عنها ، وعجزها ايضا عن توحيد كلمتها ورأيها حول هذه القضايا ، بحيث تضمن
وجود لغة واحدة مشتركة ومعبرة عن مصالحها ومواقفها قبل الخوض في غمار معركة
المطالبة بالعدالة والمساواة . في تأكيد على ان المرأة الاردنية مطالبة باعادة
ترتيب بيتها اولا من خلال التنسيق والحوار والتواصل ، للوصول الى قواسم مشتركة ،
تعينها في الدفع بقضاياها الى الواجهة المجتمعية ، لتكون في دائرة اولويات
واهتمامات الدولة الاردنية بكافة مكوناتها ومؤسساتها .