لو كان الشاب " كلود شاب " الذي ابتكر وطور شبكة الإتصالات ابان الثورة الفرنسية يعلم بحالنا ومعاناة مانواجهه من مهاترات من خلال الإتصالات كاملة لتوقف عن تطوير اكتشافه تماما رحمة بالبشرية .
ومنذ بداية انتشار شبكات الإتصال الحديثة بكل اشكالها بداية من الهاتف المتنقل الذي يعود تاريخه لعام 1947 بخبرات شركة موتورولا العظيمة، والفيس بوك الذي انشىء في العام 2004 والواتس اب والانستغرام والتويتر وغيرذلك من المسميات استعرض فيها اليوم تغلغل شبكة الإنترنت فى حياتنا، حيث ا خشي من أن تطالها العشوائية والفوضى التى نخرت فى الكثير من أوجه حياتنا؛ فتُحولها من نعمة كبيرة يسَّرها العلمُ لنا، إلى نقمة نلعن اليوم الذى عرفناها فيه.
وهاهي السنون والأيام تمر بنا ، ووقع ما كنتُ أخشاه، فقد استشرى داء "الشتم الإلكتروني" عبر مواقع الإنترنت، والفيس بوك والواتس أب وحتى التويتر وأصبحت الشتيمة عينى عينك؛ خاصة بعد أن تطورت تقنيات النشر الإلكترونى التفاعلي؛ فبات بالإمكان تعقيب أى شخص على ما يُنشر أو تكون التعقيبات لبعض القرَّاء العاديين "اللى ما فيش على لسانهم ستر أو غطا"!
وتتبارى تلك التعقيبات التفاعلية برديء القول وفاحشة اللسان ؛ خاصة أن أصحابها يعتقدون اويعرفون أنهم فى مأمن؛ حيث لا يمكن أن يتعرفَ عليهم أحد، أو تَطالهم جهة حساب.. ويحسبونفي مخيلتهم وانفسهم المريضة ان افعالهم تلك شجاعة.. وما هى بشجاعة !! فالشجاعة والرجولة والبطولة والمواقف النبيلة هي أن تقولَ رأيك بلا تجريح ، وأن تستمعَ لرأى غيرك بلا استخفاف ، أو أن تصل لقمة الشجاعة.. فتصمت ؛ وهذا توجيه نبوى كريم ؛ فقد قال رسولنا الكريم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت». وكما قال حكيم: رحم الله امرءًا قال خيرًا فغنم، أو فسلم .. لكن اليوم نلاحظ ان الصفحات الإلكترونية باتت فضاءً مفتوحًا لا تحده حدود، ويتم من خلالها تبادل كل الموبقات؛ بداية بالشتائم التى تلعن "سلسفيل" جدود الجدود، مرورًا بالاتهامات المتنوعة من : العمالة والخيانة، وأحيانًا التجريد من الملة والمواطَنة عبر إنشاء مواقع وهمية هدفها فقط الإساءة والسير بطريق الفوضى.!! وهذا بالطبع يُلقى عبئًا على الصحف والمواقع الإلكترونية؛ لأنها مطالبة خلقيا وقانونيا بألا تسمح بنشر ردود القراء التفاعلية من دون مرورها على القائمين على الموقع والصحيفة وهم بالطبع اصحاب خبرات طويلة ومسؤوليات جمة ؛ حتى يتم تشذيبها، ونزع ما يخدش الحياء عنها، قبل نشرها على الملأ!
وفى الختام أذكِّر هؤلاء المتفاعلين إلكترونيًّا وكل المعلقين وهواة الردود بحديث النبى صلى الله عليه وسلم: القائل « إن المؤمن ليس باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء». لذلك فإن المسلم مأمور بحفظ لسانه عن السب والشتم وأن على كل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما تظهر المصلحة فيه ومتى استوى الكلام وتركه فالسنة الإمساك عنه لأنه قد ينجر الكلام إلى حرام أو مكروه بل هذا كثير أو غالب في العادة والسلامة لا يعدلها شيء . فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : قالوا يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال : [ من سلم المسلمون من لسانه ويده ] ( رواه البخاري.
وعن سعيد بن زيد مرفوعا :" أربى الربا شتم الأعراض " رواه الهيثم بن كليب في " المسند " ( 30 / 2 ) ،" السلسلة الصحيحة " 3 / 418 - 1433
وعنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ من أربى الرِّبا الاستطالةَ في عرضِ المُسلم بغيرِ حق". رواه أبو داود (7/ 238)4876
قال القاضي: الاستطالة في عرض المسلم أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قيل له، أو أكثر مما رخصوا له فيه، ولذلك مثله بالربا وعده من عداده، ثم فضله على سائر أفراده، لأنه أكثر مضرة وأشد فسادا، فإن العرض شرعا وعقلا أعز على النفس من المال، وأعظم منه خطرا، ولذلك أوجب الشارع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال اه. مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3158)
واخيرا اذكر نفسي وغيري بقول الله عز وجلّ فى سورة الحجرات
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)