تودي طريقة التربية الأسرية دورا هاما ورئيسيا في بناء شخصية الأبناء, فالأسرة التي لا تربي أبناءها على العقيدة الصحيحة والتعاليم والآداب الإسلامية في جميع مناحي الحياة يكون فيها الأبناء عرضة لتلقي الأفكار والتعاليم الخاطئة لعدم وجود الوازع والحصانة الدينية والوعي الكافي فيكونون عرضة للتغرير بهم والوقوع في التطرف والانغلاق, فالواجب على كل أسرة إن تركز على أبنائها في التمسك بتعاليم الدين دون غلو أو تفريط, وان تحثهم على الأمانة والصدق في القول والعمل وتنشئهم على حب الفضيلة وكرم الأخلاق والحث عليها والبعد عن الرذيلة والدعوة إلى احترام الآخرين وحسن التعامل معهم ولو كان هناك اختلاف في الرأي, لقول الرسول صلى الله علية وسلم"الدين المعاملة" وان تغرس الأسرة في نفوس الأبناء حب الخير للآخرين والدعوة إلية وحثهم على حب الوطن والانتماء إلية والولاء للقيادة بالإضافة إلى حب النظام ووجوب احترامه والعمل بة وتطبيق ذلك فقد قيل "الولد سر أبية".
الأبناء يتأثرون بشكل مباشر وكبير بسلوك الإباء ويحاولون تطبيقها, فهم المثل الأعلى لهم, فالأسرة مطالبة ببناء سياج فكري امن لأبنائها, يعتمد على الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف والانغلاق والغلو, حتى يكون درعا وحصنا واقيا لهم من اختطاف عقولهم, وتوصية الأبناء على اختيار الرفيق الصالح. إن تهاون الأسرة في متابعة أبنائها قد يؤدي إلى انتشار الكثير من الإمراض والسلوكيات الخاطئة داخل الأسرة مثل التسرب من الدراسة والتشرد وعدم الشعور بالمسؤولية واللامبالاة والوقوع في براثن المخدرات والجنوح والانطوائية والعزلة والانغلاق , كذلك يجب كسر الحواجز النفسي مع الأبناء ومنحهم فرصة الحوار والتفاهم والمناقشة, لان الفكر الذي لا يناقش ولا يقبل الحوار تنمو في داخلة غرسه التطرف وتخرج من أحشائه أفكار الإرهاب.
للوالدين في إطار الأسرة دور هام وأساليب خاصة من القيم والسلوك تجاه أبنائهم في مناحي الحياة المختلفة, ولهذا فان أي انحراف في مسار الأسرة من اخطر الأمور التي تؤدي إلى انحراف الأبناء, التوجيه ألقيمي يبدأ في نطاق الأسرة أولا, ثم المسجد والمدرسة والمجتمع, فالأسرة هي التي تكسب الطفل القيم والمبادئ الفاضلة, فيعرف الحق والباطل, والخير والشر, وهو يتلقى هذه القيم دون مناقشة في سنوات عمرة الأولى, حيث تتحدد عناصر شخصيته, وتتميز ملامح هويته على سلوكه وأخلاقه لذا تعتبر مؤسسات التعليم والتربية من أهم مداخل الإصلاح الفكري بنشر العلم باعتبارها تعزز مصادر التنمية البشرية وتزيد تكوينها, ومن هنا فان على المؤسسات التربوية مسؤولية تنشئة الأجيال على مفاهيم الاعتدال, نظريا وعمليا في نفوس وعقول الشباب ويتم ذلك بنشأتهم تنشئة إسلامية متوازنة ممثلة إلى دين الإسلام دين الوسطية والاعتدال, والبعد عن الفكر التكفيري ومفهومة ومعانية, وتعزيز قيم الانتماء والولاء الوطني للشباب, وكذلك نقض الفكر المتطرف ليحل محلة الاجتهاد والحوار الهادف والبعد عن الانغلاق والتطرف.
الحوار هو الأساس والمبدأ الرئيسي للتواصل البشري وهو عنوان إنساني كبير مرجعيته العقل الذي فضل الله به الإنسان على غيرة من الكائنات وبالتالي فان الحوار سمة سلوكية راقية قوامها قبول الأخر وقبول الاختلاف والبحث عن المشترك بين المتحاورين.
الحوار منطق وفكر يحمل الهدوء والرزانة والوعي والتسامح والغفرانية خصوصا عندما يكون حول قضايا دينية أو مذهبية, الحوار هو لغة القبول والتواصل الإنساني الذي يحكمه البساطة واتساع الصدر وعدم الضيق والتأني والإصغاء والاستماع للطرف الأخر واحترام راية لذا يجب نشر ثقافة الحوار والتأني والإصغاء وتحفيز الحوار الهادف الايجابي خاصة بين فئات الشباب, يجب إن تكون الأخلاق والقيم ومنظومتها السلوكية حاضرة في لغة الحوار واسلوبة من هنا كانت الحضارة العربية الإسلامية بكل مكوناتها المعرفية الدينية والفلسفية والتاريخية ليست مغلفة بل كانت منفتحة على الثقافات الأخرى بنوع من العالمية والتثاقف والندية.
إن عناوين العدل والمحبة والبعد عن التطرف هي عناوين مركزية في جوهر الرسالات السماوية جميعها قال الله تعالى" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" صدق الله العظيم , وقال تعالى"لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" صدق الله العظيم فالحكمة تعني العقل والرؤية والإصغاء وحسن الحديث والمجادلة بالأحسن تعني المبادرة وعدم الرد بالمثل في حالة انفعال الأخر وخروجه عن الطريق الصواب ليبقى الأنموذج والمثال قائما وقادرا على فرض سلوكه وحضوره.
للحوار أدابة الكثيرة منها إن يكون كافة الإطراف على علم تام بموضوع الحوار وان يكون لدى كافة إطراف الحوار الاعتراف بالخطأ في حال خالف الصواب, وكذلك إن يكون الدافع الرئيسي لدى جميع إطراف الحوار الوصول إلى الصحيح والصواب وكذلك الإصغاء للطرف الأخر والاستفادة من طرحة وكبت جماح النفس عند الرغبة في الجدال والعرب في هذا المجال تقول رأس الأدب كله الفهم والتفهم والإصغاء إلى المتكلم.
إن تعزيز ايجابية الحوار له فوائد كثيرة تنعكس على المجتمع منها تبادل الأفكار بين الناس وتتفاعل فيه الخبرات, ويساعد على تنمية التفكير وصقل شخصية الفرد, ويولد أفكار جديدة وينشط الذهن كما يساعد على التخلص من الأفكار الخاطئة والوصول إلى الحقيقة ويغرس سلوكيات ايجابية وحضارية.
إن خطوة تعزيز مبدأ الحوار لايجابي ونشر الاعتدال مطلب ضروري وهام باعتبارها خطوة رائدة في سبيل تعزيز روح الانتماء والولاء ومحاربة مجموعة الظواهر والسلوكيات السلبية التي بداءت تستشري في مجتمعنا مثل العنف والمشاجرات بين الطلبة وامتدادها إلى المواقع الجغرافية أحيانا وغياب الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي بالحاضر الوطني.