بقلم: عصمت الطاهات
كل الأحياء منا مازالوا يتذكرون عام النكبـة المرة حيث مضى عليها 71 عاماً على إحتلال ارضنا الطاهرة ومنذ النكبـة، والشعب الفلسطيني يعاني مرارة الظلم ، ورغم المجازر والمذابح والوحشية المستشرية تبقى هناك اجيال متعددة عاصرت كل انواع القتل والتشرد،71 عاما والدم الفلسطيني يسيل على الأرض الفلسطينية الطاهرة؟ فمن المسؤول ياترى عن إراقة هذه الدماء؟ هل "إسرائيل" الدولة الغاصبة هي وحدها المسؤولة عن تلك المجازر؟
إن الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة بتاريخها المليء بالمجازر ارتكبت مجازر لا تحصى في فلسطين، وعندما كان يهدر الدم الفلسطيني منذ عشرات السنين وكانت منطقة الشرق الأوسط بمواجهة الإرهاب الإسرائيلي كانوا أولئك الذين يصرخون اليوم ضد الإرهاب داعمين لإسرائيل ولم يكونوا ضدها، ولم يخُرس الصهاينة وحلفائهم والعالم اجمع سوى هيبة الحجر الذي تفوق على الألة العسكرية الصهيونية بل وهزمها عندما هب الشعب في إنتفاضته المشهود لها تاريخيا.
منذ ذلك الحين لم يعد مهما عندي ان ابكي او احزن كثيرا ، لأن البكاء كان هو ايضا حكاية يومية ، ان ترى طفلا يجابه دبابة بالحجارة ، ان ترى اما حزينة تبكي طفلها الوحيد الذي طحنه الصهاينة بجنازير دباباتهم ، ان ترى فتى في ربيع عمره يدفن حيا ، ان ترى طفلة بريئة تفقأ عيناها، ان ترى مسنا يقاد الى الاعتقال لأنه خرج يصلي لله الواحد القهار ،ان ترى سيدة محتشمة تهان من جندي صهيوني قذر بإطلاق الكلاب عليها ، ان ترى اطرافا تبتر واجسادا تحرق ، وان ترى نساء تجهض ومواشي تقتل وان ترى بيوتا امنة تدنس وتهدم، ان ترى ارضا تسلب وتباع ، كل هذا يجعل الدمع يتحجر في عيني ، كل هذا يجعل القلب المجروح يقطر دما ، يجعل دمعتي تتدحرج كالجمرة وتحفر اثارها وهي تجري مسرعة ، غضبي من الصهاينة والصامتين ايضا اين انتم ايها الإخوة ؟ الا ترون ؟ الا تسمعون ؟فالشباب يقتل ، والرجال يعتقلون في زنازين ضيقة والاطفال يموتون تحت جنازير دباباتهم .
إن الطفل الفلسطيني هناك يشب على حب ارضه وترابها ، والحلم بلقاء الله شهيدا، ويحمل في قلبه حبا اقوى واعمق لأرضه الطيبة ، فحبه قوي نابع من الأعماق لتراب طاهر اغتصب .. وبيوتا سلبت . واهل تشردوا قهرا .. وروابي دنستها اقدام الصهاينة .. وهو حب لهواء عطر افسدته رائحة الصهاينة وانفسهم الكريهة ، هو حب للأقصى الذي أهين ولغزة هاشم التي حوصرت والتي تقذف يوميا بأسلحتهم العفنة .
بعد هذه الأعمال نؤكد بأنه لم يبقى لدينا إلا الرجوع للحجر المنبعث من ارض فلسطين الطاهرة ، هيبة الحجر الذي يقذفه طفل في عمر الزهور ليكون شمعة تحترق ليضىء الطريق امام الأبطال الصامدين في كل مكان ، فلماذا لانسعى جاهدين للتصدي للصهاينة واعوانهم ؟ لماذا لانتوحد فعليا إن اردنا تحرير قدسنا وارضنا من دنس الصهاينة الأنذال ؟.
لقد حاول اعداء هذه الأمة ان يجعلوا منها تابعا ، حاولوا ان يجعلوا منها مخلب قط ، " حصان طروادة" حاولوا أن يجعلوا من ارض هذه الأمة المباركة مخازن لنفاياتهم السامة وسوقا لبضائعهم وحقلا لتجاربهم الفاشلة .
حاولوا أن يقتلوا الأمل الساطع في قلب أمتنا العربية ، وأن يدمروا ماضيها ، ثقافتها حاضرها، مجدها،إنسانها.
حاولوا أن يخضعوا هذه الأمة عندما غرسوا فيها جسما غريبا في قلبها الطيب، لقد حققت محاولاتهم العديد من النجاحات ، غير ان حساباتهم الواقعية اخطأت في معرفة أنها " حُبلى" وأن هذه الأمة تنجب بين الفنية والأخرى رجالات قادرين على قلب حسابات الأعداء،عبر مسيرة هذه الأمة التاريخية ، إستطاع جيل من اولادها البواسل ان يبعثوا فيها الحياة رغم كل ماكبلت به من سلاسل واصفاد ومازرع فوق ارضها من اشواك .
لقد حاول ابطال هذه الأمة الأفذاذ ان يضعوا لها تاريخا مشرفا ، وأن يعيدوا لها كرامتها في الحياة ، وكان لهذه الأمة موعدا مع التاريخ فعادت الحُبلى لتنجب من جديد مولودا ليس ككل المواليد التي انجبت . عليه علامات تبشر بأنه سيكون له شأن في حياة هذه الأمة ، لقد اشرق النور ، وبشرت خيوط الفجر بالمولود الجديد ، ودقت الطبول لتعلن للعالم اجمع ان فكرا جيدا يحمل للبشرية إ نعتاقها النهائي من الظلم والإستعباد قد اطل ، وترعرع هذا المولود في كنف هذه الأرض الطاهرة .
ومرت السنون فكان لهذا الفكر معتنقوه واتسعت دائرته داخل هذه الأمة وخارجها ، وحاولت القوى الحاقدة والصهيونية الماكرة ان تعيد الكرة وتجهز على هذا الفكر ، وانبعثت ماء جديدة في جسد هذه الأمة ، وارتفع صوت عال من جيل شبابي غاضب ليقول لأعداء امتنا "لا، لن نستكين ، وسنمضي قدما الى حيث نريد ، إننا نملك الأن سلاحا ليس ككل الأسلحة ".
بارك الله سواعدكم ايها الأبناء البررة ، ايها الأباء الصادقين ، ايتها الأمهات الطاهرات ، ايتها الأخوات العفيفات ، بارك الله الأيدي الصلبة التي تتصدى لعدو الله وإنسانه ، والتي تقذف الحجر بوجه جند الإحتلال.
وسلام ايها الطفل العنيد يامن رفعت هامة الأمة العربية عالية.. يامن ملأت قلب الأعداء رعبا .
إستمروا في دفاعكم ، وسييروا الى الأمام فعين الله ترعاكم في كل حركاتكم وسكناتكم ايها الأحرار .