بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
لا ندري ما هو السر وراء الانفلات الاعلامي الذي استباح ساحتنا الاردنية مؤخرا ، معبرا عنه بالاساءات والاشاعات المغرضة والمقلقة التي تتناقلها وتتقاذفها الكثير من منصات التواصل الاجتماعي ، حتى ان احدا لم يسلم من شرورها التي اخذت تضرب في مختلف الاتجاهات تحت طائلة خطاب هابط المستوى .. مثير للفتنة والكراهية ، ودخيل على منظومتنا القيمية والاخلاقية . ويكفي الشخص المتسلح بمنصة اعلامية تدوين ما يريد من معلومات بغض النظر عن نوعيتها ومخاطرها ، ليقرر بنفسه تمريرها في الوقت الذي يراه مناسبا ، وللجهة التي يستهدفها ، دون وجود ضوابط او اليات رقابية يمكن ان تتدخل لمنعها او الحد من تأثيرها . وبدا ان البعض المروج لهذه الافة المجتمعية الخطيرة لا يدرك تبعاتها وتداعياتها السلبية على الداخل الاردني ، والتي لا تقل خطورة عن تلك الدسائس والاجندات الخارجية المشبوهة التي يسعى اصحابها لتمريرها واستهداف امننا ووحدتنا ونسيجنا المجتمعي عبر احداث اختراقات في جدارنا الوطني . ما يجعلنا نخشى استغلال اصحاب هذه الاجندات ، للثغرات التي توفرها منصات التواصل لهم وتوظيفها لهذه الغاية من خلال اختلاق الاخبار والمواقف المفبركة ، وتقديمها على انها حقائق واقعة دون تقديم دلائل او اثباتات تؤكد صحتها وصدقيتها . وذلك بهدف اثارة الفتن والقلاقل بين الناس من خلال بث الاشاعات التي تمثل ادوات للبلبلة الفكرية والنفسية ومفتاح تغيير الاتجاهات والتصرفات والتحوير الفكري وغسل الدماغ وشحن الوضع الداخلي بالاكاذيب والافتراءات عبر التركيز على الاحداث المهمة والمؤثرة في الراي العام وتمس مصالحه ، تماهيا مع متطلبات انتشارها ممثلة بالاهمية والغموض . فقد افتت دائرة الافتاء بالامس بتحريم الاشاعات واغتيال الشخصيات والطعن في الاعراض والوقوع في الآثام واشاعة الفحش .
ما يجعلنا نؤكد بان انتشار الاشاعة يتوقف على عدم معرفة الحقيقة وغياب المعلومة ، ما يجعل منها عرضة الى التحور والتبديل .فهي كل خبر مقدم للتصديق يتم تناقله من شخص لاخر دون ان يكون له معايير اكيدة لتصديقه . اضافة الى انها تمثل عملية ترويج لخبر مختلق لا اساس له من الصحة بهدف التأثير في الناس . ما يؤشر الى ضرورة ان تحرص المجتمعات على تحصين مواطنيها من خطر الاشاعات ، بهدف تحقيق مناعة وطنية وتنمية الحس الامني لدى المواطن . ما يتطلب تنمية العلاقة التكاملية بين الاجهزإ الامنية والمؤسسات المجتمعية التعليمية والتربوية والاعلامية ، والتنسيق فيما بينها من اجل توفير مرجعية اعلامية وطنية تثقيفية وتوعوية ، لرفع منسوب الوعي الامني ، وتفاعل افراد المجتمع مع الاجهزة الامنية ، وصولا لتحقيق الامن الشامل ، بهدف تحقيق مناعة وطنية ضد المحاولات المغرضة الرامية الى احداث ثغرات امنية في النسيج الوطني .