بقلم: د. هايل ودعان الدعجة
بات من اللافت مشاهدة مقاطع فيديو خاصة باحداث ومواقف خلافية واشكالية تحصل بين الحين والاخر بين بعض المواطنين وبعض رجال الامن العام اثناء تأديتهم لمهامهم الوظيفية تبث على وسائل التواصل الاجتماعي ، بصورة نشتم منها رائحة استهداف لهؤلاء الرجال ومحاولة تحميلهم مسؤولية ما يحدث ، واظهار تصرفاتهم وردود افعالهم بصورة سيئة وسلبية من خلال تعمد البعض انتقاء مشاهد تصب في هذا الاتجاه ، وذلك على حساب الحقيقة وعدم نقل الصورة كاملة . يتم ذلك وسط اصرار عجيب من قبل البعض على تصوير ما يحدث وبثه اعلاميا ، دون التفكير بارساله الى المسؤولين في جهاز الامن العام مباشرة لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة الموقف ، هذا لو كانت النوايا طيبة وحسنة ويتوخى اصحابها المصلحة العامة من وراء هذه الحركات التي على ما يبدو انها مغرضة وغير بريئة . وفي موضع اخر تجد هناك من يتعمد نشر مشاهد فيديو قديمة تنطوي على اشاعات واساءات بحق رجال الامن العام ، بطريقة تجعلنا نتساءل عن المغزى من وراء هذه التصرفات المسيئة ، التي يتعامل مروجوها مع رجل الامن العام وكأنه من كوكب اخر ، ومطلوب استهدافه وتشويه صورته الحضارية التي يشهد لها القاصي والداني .
وحتى لو افترضنا جدلا صحة بعض ما يتم تناقله ، فلماذا لا يتم التعاطي معه بشكل اخلاقي ومسؤول عبر وضعه في اطاره الفردي ، ولما هذا الاصرار على تعميم الصورة السلبية للنيل من صورة جهاز الامن العام المشهود له بالمهنية والحرفية والسمعة الطيبة ، حتى بات نموذجا يحتذى في الاداء الشرطي الحضاري المميز ، ليس على صعيد دول المنطقة فحسب ، بل على صعيد دول العالم .
مثل هذه الحالات الفردية التي هي في حدودها الدنيا ، تقتضي منا جميعا ابقائها في اطارها الضيق ، الذي لا يجوز تعميمه او جعله سببا او مدخلا للاساءة لمنظومة الامن العام التي هي موضع فخر واعتزاز الجميع ، وحتى نفوت على اصحاب النوايا غير البريئة فرصة النيل من هذه المنظومة الامنية الوطنية ، المعطرة سيرتها ومسيرتها بالنجاحات والانجازات الكبيرة والنوعية .
الخشية كل الخشية ان يكون دافع هذا البعض من وراء هذه الاساءات المتعمدة ، الرمزية الوطنية التي يمثلها الامن العام ، والتي يراد من خلالها النفاد لاستهداف الوطن .. كل الوطن ، منطلقا من كون جهاز الامن العام مكونا اساسيا اصيلا من مكونات الاردن وهويته وتاريخه ومسيرته وهيبته . في تأكيد على ان رجل الامن خطا احمر وان هيبة الدولة من هيبته .. وهيبته من هيبة الدولة ، وان جزءا كبيرا من تعاليم الرسالة الامنية واهدافها يتوقف تحقيقه على هذه الهيبة ، واي اختراق للحصن الامني - لا سمح الله - معناه ان الوطن كله بات في خطر . ما يجعلني اعيد التذكير بما سبق ان طرحته حول هذا الموضوع الهام من خلال التأكيد على اننا لسنا مع تصريحات كبار المسؤولين في مديرية الامن االعام بحق رجال الأمن من حيث المساءلة والمحاكمة وتلقي الشكاوى إذا تجاوزوا حدودهم الوظيفية، لأن هذه أمور مفروغ منها، ويجب أن تبقى في إطار المنظومة الأمنية وعدم تداولها أمام العامة باستمرار ، لما قد يترتب عليها من انعكاسات سلبية على نفسية رجل الأمن وهيبته وشخصيته وحضوره في المشهد الامني ، وقد نشجع البعض على التمادي عليه وابتزازه واستفزاره ، وربما تصل الامور برجل الامن لدرجة التفكير بتجاهل بعض واجباته الأمنية حتى لا يقع في خطأ او محظور او حرج على قاعدة (الباب إلي بجيك منه ريح سده واستريح ) وبتشجيع من اهله واقاربه واصدقائه ربما .
فالمسألة ليست تسجيل مواقف أمام الرأي العام ولا مؤسسات حقوق الإنسان على حساب هيبة جهاز الأمن العام . مع التأكيد باننا مع محاسبة رجل الأمن العام ومساءلته ومحاكمته إذا أخطأ أو تجاوز حدود مهمته الوظيفية ، شريطة أن يتم ذلك داخل الاروقة الأمنية ، بعيدا عن الاستعراض الاعلامي والبحث عن الشعبية وتسجيل المواقف ، وذلك حفاظا على هيبة جهاز الأمن العام وخصوصيته . ما يجعلنا نطالب مدير الامن العام بالتحقق من كل ما يرده من انتقادات او اتهامات او شكاوى بحق رجال الامن ، ويتأكد من نوايا مطلقيها ومدى صدقيتهم وغيرتهم واحترامهم للمنظومة الامنية ، لتفويت الفرصة على المتربصين بهذه المنظومة الوطنية من بوابة التباكي على حقوق الانسان .