القسم : مقالات مختاره
غزة .. المراحل الأولى أم الخطوة الأخيرة؟ الاحتلال أمام مأزق
نشر بتاريخ : 8/20/2025 10:06:32 PM
محمد فلاح الزعبي


غزة .. المراحل الأولى أم الخطوة الأخيرة؟ الاحتلال أمام مأزق



محمد فلاح الزعبي

إعلان جيش الاحتلال بدء ما وصفه بـ"المراحل الأولى" من عملياته العسكرية في مدينة غزة، يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التصعيد الميداني والسياسي، في وقت يتواصل فيه الضغط الداخلي والخارجي على حكومة الاحتلال.

التصريح الذي جاء على لسان المتحدث باسم الجيش، والذي تحدث عن وجود قواته في ضواحي غزة واستعداد "قوات النخبة" للتوغل أكثر، يحمل أبعاداً مزدوجة: فمن جهة يسعى الاحتلال إلى إرسال رسالة ردع للرأي العام الإسرائيلي المأزوم والقلق من طول أمد الحرب، ومن جهة أخرى يبعث برسالة تحدٍ للمقاومة الفلسطينية التي ما زالت تُظهر قدرة على المبادرة الميدانية.

اللافت في الإعلان ليس فقط التلويح ببدء الهجوم البري واسع النطاق، بل الاعتراف الضمني بفشل استخباراتي، بعدما أشار المتحدث إلى "إغفال الجهات المسؤولة عن توفير تغطية استخباراتية"، وهو إقرار يسلط الضوء على ثغرات عميقة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية التي طالما سوّقت لنفسها باعتبارها الأقوى في المنطقة.

في المقابل، جاءت عملية المقاومة في خان يونس لتؤكد أن مشهد الميدان أكثر تعقيداً مما يحاول الاحتلال تصويره. فالهجوم بالرشاشات والقذائف الصاروخية على موقع عسكري وإيقاع إصابات في صفوف الجنود، يثبت أن المقاومة لم تفقد زمام المبادرة، وأن أي توغل بري سيواجه بمعارك استنزاف طويلة الأمد.

سياسياً، يضع هذا الإعلان حكومة الاحتلال أمام اختبار صعب. فالمضي في عملية برية واسعة داخل مدينة غزة يعني الدخول في حرب شوارع مكلفة قد تزيد من الخسائر البشرية، بينما التراجع أو الاكتفاء بضواحي المدينة سيُفسَّر في الداخل الإسرائيلي على أنه فشل في تحقيق الأهداف المعلنة.

في ضوء هذه المعطيات، يمكن استشراف ثلاثة مسارات رئيسية:

التوغل المحدود: أن يكتفي الاحتلال بعمليات عسكرية على أطراف غزة لتسجيل إنجاز إعلامي دون الانغماس في مواجهة واسعة.

التوغل الشامل: الدخول إلى عمق المدينة عبر "قوات النخبة"، ما يعني معارك استنزاف قاسية وخسائر قد تهز الثقة بالقيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية.

المراوحة مع الضغط السياسي: الجمع بين التصعيد التدريجي وفتح قنوات خلفية للتفاوض غير المباشر، في محاولة للهروب من مأزق الخسائر وتثبيت أي مكسب سياسي ممكن.

وفي المحصلة، يظهر أن الاحتلال يسعى لاستعادة زمام المبادرة عبر استعراض القوة، لكنه يصطدم بواقع ميداني صعب تفرضه المقاومة. وكلما تعمق العدوان، ازدادت كلفته السياسية والعسكرية، فيما تبقى غزة ساحة اختبار حقيقية لمعادلات الردع والقدرة على الصمود.

صفحات اقسام المقالات
كتاب الحقيقة مقالات مختارة
صفحة الكاتب
المزيد من مقالات الكاتب
محمد فلاح الزعبي
آخر المقالات المضافة
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025