كتب محمد فلاح الزعبي
التعديل الوزاري الذي طال حكومة الدكتور جعفر حسان اليوم
الأربعاء لم يكن مجرد تغيير أسماء في تسعة مقاعد وزارية، بل بدا أشبه بمحاولة
لإعادة رسم ملامح الحكومة من جديد، بعد عام أول اتسم بالحذر السياسي وكثرة الملفات
المعلقة.
منذ وصول حسان إلى الدوار الرابع، عاشت حكومته تحت ضغط
متراكم: اقتصاد يعاني من تباطؤ واضح، خدمات عامة تواجه انتقادات متكررة، وشارع
يتابع بعيون متحفزة كل خطوة حكومية باحثًا عن تحسن ملموس في معيشته.
التعديل الجديد استهدف وزارات حيوية؛ النقل والصحة والزراعة
والسياحة والاستثمار ليست حقائب هامشية، بل هي وزارات على تماس مباشر مع حياة
الأردنيين اليومية وأحلامهم الاقتصادية. دخول وزراء جدد إلى هذه الحقائب يوحي بأن
الرسالة الأهم هي: "لن نكتفي بإدارة الوضع القائم، بل سنحاول تغييره."
ثلاث رسائل في التعديل
ودون أي كلمة عن التعديل وضع حسان عدة رسائل وصلت بدقة لكافة
المحللين والمراقبين وابزرها :
1.
إعادة تموضع اقتصادي وإداري
إضافة حقيبة الاستثمار وتفعيل وزارة تطوير القطاع العام
يشيان بأن الحكومة أدركت أن معركتها الحقيقية هي على جبهتين متلازمتين: جذب
الاستثمارات وتنشيط الاقتصاد من جهة، وإصلاح الجهاز الإداري الذي يبطئ أي إنجاز من
جهة أخرى. هذه رسائل مطمئنة للمستثمرين إذا ترجمت إلى أفعال حقيقية وليست شعارات.
2.
استرضاء الشارع الخدمي
ملفات النقل والصحة والزراعة باتت تشكل نقطة توتر بين
الحكومة والمواطنين. تعيين وزراء جدد في هذه الوزارات هو بمثابة اعتراف غير معلن
بأن الأداء السابق لم يكن كافيًا، وأن الحكومة تريد أن تقدم شيئًا ملموسًا للمواطن
بدل الاكتفاء بالتصريحات.
3.
قراءة سياسية للمرحلة المقبلة
عودة وزارة الشباب إلى الواجهة وتعيين وزير للبيئة ليست خطوة
بروتوكولية؛ هي محاولة للاقتراب من الجيل الجديد وربط الحكومة بالقضايا العالمية.
الرسالة الأعمق هنا أن الحكومة تتحضر لمرحلة سياسية أكثر حساسية، ربما ترتبط
بإصلاحات مقبلة أو استحقاقات انتخابية تحتاج إلى صورة حكومية أكثر حيوية.
التحدي الحقيقي يبدأ الآن
رغم الزخم الإعلامي للتعديل، إلا أن التحدي الأكبر أمام
حكومة جعفر حسان يبدأ من صباح الغد. الشارع الأردني لم يعد يقيس الحكومات
بالنوايا، بل بالنتائج. وسيكون على الوزراء الجدد إثبات قدرتهم على تحويل هذا
التعديل من مجرد خطوة شكلية إلى واقع ملموس يشعر به الناس في شوارع العاصمة وأطراف
المحافظات على حد سواء.
في النهاية، يبدو أن التعديل الوزاري اليوم هو رسالة مزدوجة:
الحكومة تقول إنها ستبدأ مرحلة جديدة أكثر جرأة وفاعلية، فيما ينتظر الشارع أن يرى
إن كانت هذه الوعود ستغادر بيانات التعيين إلى واقع الحياة اليومية.