بقلم: سلامة الدرعاوي
لا شك بأن ملف زيارة رئيس الوزراء
لواشنطن اليوم لها طابع خاص من حيث الأهمية، فهي تحمل في أجندتها ملفات عدة أبرزها
التطورات الأخيرة في الشأن الجمركي والذي أدركت الحكومة أن الموضوع يحتاج لإحداث
اختراق إيجابي مبكر في ضوء التطورات التي تشهدها العلاقات الاقتصادية الأميركية مع
العالم.
تقرير الممثل التجاري للولايات المتحدة
الصادر في 31 آذار 2025 كشف عن سبع معيقات رئيسة تواجه التجارة الأميركية في
الأردن، إذ إن التقرير يسلط الضوء على العقبات التي تعيق الصادرات الأميركية
ويقترح حلولًا لإزالة هذه العوائق لتحقيق تجارة أكثر عدالة بين البلدين.
أولى هذه المعيقات هي الضرائب الخاصة
التي تفرضها الأردن على بعض المنتجات الأميركية، كالمشروبات الغازية والسيارات،
وثانيًا، تواجه السلع الأميركية كالذرة واللحوم والدواجن والأبقار الحية تعقيدات
تتعلق بتراخيص الاستيراد، فهذه التراخيص تتطلب إجراءات طويلة ومعقدة.
أما فيما يتعلق بالحواجز الجمركية
وتيسير التجارة، فقد صادق الأردن على اتفاقية تسهيل التجارة التابعة لمنظمة
التجارة العالمية منذ شباط 2017، لكنها لم تقدم بعد أربعة إخطارات رئيسة تتعلق
بأنظمة الاستيراد والتصدير والعبور، واستخدام الوسطاء الجمركيين، وتبادل المعلومات
الجمركية، وتفاصيل "نافذة واحدة" للتخليص الجمركي.
رابعًا، هناك مشكلة تتعلق بفحص الذرة
المستوردة، إذ إن وزارة الزراعة الأردنية لا تلتزم بمعايير أخذ العينات المعتمدة من
مؤسسة المواصفات والمقاييس، مما أدى إلى رفض العديد من الشحنات الأميركية.
خامسًا، المشتريات الحكومية تمثل
عائقًا للشركات الأميركية، فالأردن يمنح أفضلية بنسبة 15 % للعروض المحلية في
العقود الحكومية، كما أنه ليس عضوًا في اتفاقية المشتريات الحكومية لمنظمة التجارة
العالمية (GPA)، وهذه السياسة تحد من
قدرة الشركات الأميركية على المنافسة في المناقصات العامة.
سادسًا، رغم التحسينات الأخيرة في
قانون بيئة الاستثمار الأردني، لا تزال هناك قيود على الملكية الأجنبية في بعض
القطاعات كتجارة الجملة والتجزئة، والاستشارات الهندسية، والمقاولات، والنقل،
واللوجستيات، حيث لا تتجاوز الملكية الأجنبية نسبة 50 % في هذه القطاعات، مما يجعل
من الصعب على الشركات الأميركية الاستثمار بحرية في السوق الأردني.
سابعًا، رغم التقدم في قوانين الملكية
الفكرية، لا تزال هناك تحديات تتعلق بتطبيق القانون على أرض الواقع، خاصة فيما
يتعلق بالقرصنة والسلع المقلدة، الشركات الأميركية تشكو من ضعف إنفاذ حقوق الملكية
الفكرية، مما يحد من حمايتها واستثماراتها في الأردن.
ومن هنا، فإن الحل الأمثل يكمن في
التفاوض مع الولايات المتحدة لمعالجة هذه المعيقات بشكل سريع، فالأردن يمتلك مزايا
تجارية يمكن تعزيزها من خلال معالجة هذه العوائق، وعلى سبيل المثال، تتمتع الأردن
بقواعد منشأ تفضيلية تضمن لها أفضلية في السوق الأميركية مقارنة بدول أخرى مثل
تركيا ومصر، ورغم فرض رسوم جمركية على صادرات هذه الدول بنسبة 10 %، إلا أن ارتفاع
تكاليف الإنتاج التركية وتواضع حجم الصادرات المصرية في بعض المجالات يجعل من
الأردن شريكًا تجاريًا واعدًا.
وفي عام 2024، سجلت الأردن صادرات
وطنية إلى الولايات المتحدة بقيمة 3.11 مليار دولار مقابل مستوردات بقيمة 1.88
مليار دولار، مع معدل نمو بنسبة 18 % مقارنة بالعام السابق، حيث تشكل الصادرات
الأردنية إلى الولايات المتحدة نسبة 25.7 % من إجمالي الصادرات الوطنية، وتشمل هذه
الصادرات الألبسة والمحيكات بقيمة 1.95 مليار دولار، المجوهرات والمعادن الثمينة
بقيمة 740 مليون دولار، المنتجات الكيماوية بقيمة 202 مليون دولار، والآلات
والأجهزة بقيمة 140 مليون دولار، وغيرها.
وللعلم، تم حساب التعريفات المتبادلة
المفروضة على الأردن بقسمة العجز التجاري (1.24 مليار دولار) على إجمالي الواردات
من الأردن (3.11 مليار دولار)، مما ينتج عنه نسبة 0.398، وعند تقسيمها على اثنين،
تنتج تعريفة إضافية بنسبة 20 % على السلع الأردنية.
وبالنهاية، من المهم أن تدرك الحكومة
أن معالجة هذه المعيقات والتفاوض بشكل فعال مع الولايات المتحدة يمكن أن يسهم في
تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، إذا تم تخفيف القيود الجمركية وتسهيل
الاستثمار، فإن الشركات الأميركية ستكون أكثر استعدادًا لتعزيز وجودها في السوق
الأردني، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الأردني بشكل عام.
عن الغد