33970 شهيدا و76770 إصابة جراء العدوان على غزة وزير الصحة يفتتح مركزين صحيين في العقبة توقيف موظف جمارك اختلس 48 ألف دينار بأربعة أشهر توقيع عقد تنفيذ مشروع استعمال الذكاء الاصطناعي في نظام التخطيط والتشغيل للأحمال الكهربائية ورشة تعريفية في الكرك عن الخدمات الإلكترونية بمناسبة اليوبيل الفضي الأردن: مخططات مقيتة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم بالأقصى مجلس محافظة جرش يزور مبنى مركز شابات وشباب بليلا الامن : ضبط 7 تجار ومهربي مخدرات أحدهم مصنف خطر متى يمكن سحب اشتراكاتك من الضمان .. الصبيحي يجيب !! عشرات المستعمرين يقتحمون “الأقصى” "المياه": مستعدون لاستقبال الصيف بواقع 138 مليون م3 في السدود الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات على إيران تستهدف منتجي المسيّرات والصواريخ "عمّان التنموي" أول طريق تختاره الحكومة لتطبيق نظام الطرق مدفوعة الرسوم المجموعة العربية في الأمم المتحدة تطالب بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية قصف مدفعي مكثف على جنوبي مدينة غزة في اليوم الـ195 من العدوان

القسم : بوابة الحقيقة
وعد فأوفى وللنجاح إستوفى
نشر بتاريخ : 5/27/2021 11:05:43 AM
مهنا نافع

    لكل طفل رغبة في وقت ما أن يكون هو صاحب القرار، وخاصة إن تعلق الأمر بحرية الاختيار، وبحكم انشغال الوالدين أحيانا بظرف ما وإلاكتفاء بكلمة إفعل أو لا تفعل وغيرها من إرشادات تفتقر إلى التروي والشرح والتبرير، ما قد يؤدي لأن يستغل الطفل أي فسحة تخرجه من كينونة المتلقي .

    الطفل عند إعطائه هذه الفسحة من الحرية سيستغلها أحسن استغلال، ساعيا ليكون صاحب القرار ليدرك حينها أنه قد فهم رغبته وأكرمها بحسن الاختيار .

    كثير من الآباء كان يجد السبيل الوحيد لتدريب الأبناء لاكتساب المهارة للاستقلال بأن يقدم لهم مبلغا ما، وبالطبع حسب قدرته وبالمحتوى التربوي الوسطي البعيد عن التقتير أو الإسراف. وقد اتفق الآباء بتسميته بمصروف الأولاد اليومي، فيقوم الطفل فرحا بالتصرف به بشراء شيء من اختياره بعيدا عن التوجيه المباشر، وبذلك تنمو لديه القدرة على الحسم والبعد عن التردد باتخاذ القرار .

    أسلوب تربوي جيد نقوم به بكل بساطة وعفوية، ولا أنكر أنني كنت أحاول ان يكون لي نوع من التأثير غير المباشر على أبنائي بعد اعطائهم المصروف قبل ذهابهم لإنفاقه في بقالة الحي، وذلك بأن لهم حرية اختيار ما يريدونه، ولكنني اتمنى أن تكون من صناعتنا المحلية، ومن فترة لفترة وبطريقة ما أجد مدخلا لتشجيعهم على ذلك، وكانت لي مآرب أخرى، وذلك لرخص سعرها مقارنة مع مثيلاتها المستوردة.

    ذات يوم، عادوا إلى المنزل وعلامات الغضب الممزوجة بالحرية واضحة عليهم، ليروني ماذا وجدوا في داخل إحدى قطع الحلوى التي اشتروها، كانت (شرنقة) صغيره بمرحلة من طور حياة الفراشة، وجرى حديث بيننا عن المثاليات التي كنت دائما أذكرهم بها، وعن فائدة تشجيع المنتج المحلي، وبالنتيجة لم تعد لديهم تلك القناعة بما كنت دائما أذكره لهم .

    في صبيحة اليوم التالي أخذت تلك الحلوى، واتصلت مباشرة مع رقم الهاتف الموجود على غلافها، ومن مدير إلى مدير أوصلوني للمالك المنتج صاحب العلامة التجارية وأخبرته أن منتجه أحرجني أمام ابنائي فأنا أشجعهم دائما على شراء المنتج المحلي، وأشرح لهم فائدة ذلك علينا وعلى الاقتصاد عامة، لكن الآن وبعد ما وجدوه بداخل المنتج أشعر انني فقدت شيئا من المصداقية، وتسبب ذلك بإحراجي أمامهم، لقد تعمدت أن أخرج عن النص المألوف لهذا النوع من الحوار، مرت الثواني حتى أنني ظننت أنه أنهى المكالمة، إلا أنه وبصوت حاد قال لي: «لك مني وعد أن أكرس كل وقتي وجهدي لأن أعيد لك كامل هذه المصداقية».

    سررت جدا بأن الرد كان أيضا خارجا عن الحوار المألوف، انتهت المكالمة بعدم ذكر اسمي، وربما اعتقدت أن ذلك سيعزز من مصداقيتي، فهو لا يعرفني، لكن أذكر انه بعد أن شكرني كان له طلب وحيد، هو أن أعيد الحلوى إلى نفس البقالة ليتحقق من الأمر سعيا لعلاجه، وهذا ما تم .

    بعد فترة وجيزة وأثناء زيارتي لبقالتنا القريبة، تفاجأت من صاحبها بأن يقدم لي امانة وهي عبارة عن صندوق من ذلك الصنف فأخذته وشكرته وانصرفت .

    أما اليوم وبعد أن كبر الأبناء ورزقهم الله بالبنين، فإنني عندما أنظر الى هذا المنتج المحلي والذي أصبح يتصدر الرفوف في كل المتاجر تحضر في ذهني أجمل الذكريات، فهو الآن من أفضل المنتجات المحلية، منافس قوي لمثيله المستورد الأجنبي، في كل مرة ابتسم وأقول: وعد فأوفى، صحيح أنني لم ألتق مع صاحبنا الوفي، ولكننا التقينا على فهم فكر مميز ورائد، أتساءل أحيانا: هل كنت سأرى نفس النتيجة لو أنني مباشرة توجهت بالشكوى لإحدى الجهات؟ ربما، ولكن حتما كنت سأحرم نفسي من هذا الإحساس الطيب الجميل .

    لا شك أن الإصلاح مبني على الصدق والإخلاص، ولا بد لمريده أن يتجنب التنظير أو أي من المنافع الشخصية، ولا بد أن يمتلك الحكمة والصبر والسماحة، فإن وجد لصوته أذنا صاغية، ولمس بحدسه أن الوعد وعد من أمين صادق، فليتريث وليستبشر بالخير بأنه قادم .

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023