القسم :
علوم وتكنولوجيا
نشر بتاريخ :
03/02/2025
توقيت عمان - القدس
8:05:34 PM
كشفت دراسة علمية حديثة عن أدلة قوية
تدعم نظرية حدوث فيضان هائل، عُرف باسم "فيضان الزانكلي" أو "طوفان
الزانكلي"، الذي أعاد ملء البحر الأبيض المتوسط قبل نحو 5 ملايين عام، مما
انتهى بفترة جفاف طويلة أطلق عليها "أزمة الملوحة المسينية".
وقال الدكتور آرون ميكالييف، المؤلف
الرئيسي للدراسة والباحث في معهد مونتيري باي لأبحاث الأحياء المائية في
كاليفورنيا، إن "فيضان الزانكلي كان ظاهرة طبيعية مذهلة، حيث تفوقت معدلات
التصريف وسرعات التدفق على أي فيضانات أخرى معروفة في تاريخ الأرض". وأضاف أن
بحثهم، الذي نُشر في مجلة Communications Earth &
Environment، يعد من أقوى الأدلة على هذا الحدث
الاستثنائي.
كانت "أزمة الملوحة
المسينية" قد شهدت انفصال البحر المتوسط عن المحيط الأطلسي منذ نحو 6 ملايين
عام، مما أدى إلى تعرض البحر للتبخر وتحول مساحات شاسعة من البحر إلى سبخات ملحية
استمرت لعدة مئات من الآلاف من السنين.
لكن مع مرور الوقت، بدأت المياه تتدفق
مجددًا إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق جبل طارق قبل نحو 5.3 مليون عام، ما أدى
إلى عودة المياه إلى البحر المتوسط، وفي البداية كان يُعتقد أن عملية إعادة الملء
كانت تدريجية، إلا أن الاكتشافات الحديثة أظهرت أنها كانت نتيجة لفيضان مفاجئ
وعنيف.
في عام 2009، اكتشف العلماء قناة
متآكلة ضخمة في قاع مضيق جبل طارق، وهو اكتشاف أساسي أشار إلى حدوث فيضان مفاجئ
وعنيف يسمى فيضان "زانكلي العظيم"، الذي شهد تدفق كميات ضخمة من المياه
عبر المضيق في فترة زمنية قصيرة. منذ ذلك الحين، تم العثور على مزيد من الأدلة
تدعم هذا الاكتشاف.
قام الفريق العلمي بدراسة أكثر من 300
سلسلة جبلية في منطقة "عتبة صقلية" – جسر بري مغمور كان يفصل بين حوضَي
البحر المتوسط الشرقي والغربي. وتبين أن هذه السلاسل الجبلية تشكلت نتيجة التآكل
الناجم عن تدفق مائي هائل، مشيرًا إلى أن فيضان الزانكلي ترك بصماته الجيولوجية في
المنطقة.
في تحليلهم، استخدم العلماء التصوير
الجيولوجي بالموجات فوق الصوتية لاكتشاف قناة على شكل حرف W
على الجرف القاري شرق "عتبة صقلية"، تربط السلاسل الجبلية بـ"وادي
نوتو"، وادي عميق تحت الماء في البحر المتوسط. تشير هذه القناة إلى أنها عملت
كقمع هائل، ما يعني أن فيضان الزانكلي تدفق فوق "عتبة صقلية" نحو وادي
نوتو.
قام الفريق بتطوير نموذج حاسوبي
لمحاكاة تدفق المياه أثناء الفيضان، وتوصلوا إلى أن المياه كانت تتدفق بسرعة تصل
إلى نحو 115 كم في الساعة، وكانت تغطي قمم التلال المرتفعة بمقدار 40 مترًا من
المياه. كما أشار النموذج إلى أن البحر المتوسط امتلأ مجددًا في فترة تتراوح بين
عامين إلى 16 عامًا.
تظهر نتائج هذه الدراسة كيف يمكن
للكوارث الطبيعية الكبرى مثل فيضان الزانكلي أن تعيد تشكيل المناظر الطبيعية بشكل
جذري، وتترك آثارًا جيولوجية تدوم لملايين السنين.
الحقيقة الدولية – وكالات