\
بقلم: صابرين جبر أبو شاويش
تعتبر فلسطين هي بوابة مصر الشرقية، ودرعها الاستراتيجي على امتداد مراحل التاريخ المتعاقبة، ومصر هي العمق الاستراتيجي والسند القوي لفلسطين، فالدولتان يجمعهما مصير مشترك عزز قيمة الانتماء العربي الواحد. إن مصر لها ثقل وتأثير عربي وإقليمي ودولي، وهي واحد من أهم أبواب الشرعية في المنطقة، وناظم للعلاقة مع الأطراف الفلسطينية، إضافة إلى كونها -بمنطق الجغرافيا- ممرًا إجباريًا لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لحصار إسرائيلي.
إن العلاقة بين مصر وفلسطين علاقة تاريخ طويل مشترك لم تؤثر فيه، ولا يمكن أن تؤثر فيه كل محاولات الفصل بينهما، إلا أن الوضع الداخلي المصري غير المستقر على كافة الأصعدة، أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، من الممكن أن يكون له دور يؤثر على العلاقات المصرية الفلسطينية قد تحدُّ من إمكانية ممارسة مصر دورها الإقليمي المعتاد في الساحة الفلسطينية. شكلت طبيعة الوضع الفلسطيني المتمثل بالانقسام السياسي والأيديولوجي نوعًا من الازدواجية في العلاقات الفلسطينية الخارجية؛ حيث حكمتها مواقف السلطة الفلسطينية في رام الله وحركة حماس في قطاع غزة من مجمل القضايا الإقليمية ومنها الحراكات العربية.
بعد ان شهدت جمهورية مصر العربية حراك 25 يناير هذا الحراك ادى الى اسقاط نظام الحكم في مصر وما تلى هذا الامر من انتقال السلطة الى المجلس العسكري الذي قاد البلاد في تلك الفترة استطاعت العلاقات المصرية الفلسطينية ان تأخذ منحى جديدا رغم ان هذه العلاقات التاريخية بقيت محافظة على طابعها بعلاقات متميزة باعتبار مصر عامل مساعد وداعم للقضية الفلسطينية وخاصة ان مصر قبل قيام حراك 25 يناير كانت تستضيف حوارات المصالحة الوطنية الفلسطينية من خلال الفصائل والحركات الفلسطينية التي قطعت جولات طويلة من الحوار برعاية مصرية وما سبق ذلك من احتضان مصر لمؤتمر شرم الشيخ لإعمار ما دمره الاحتلال في الحرب التي شنها على قطاع غزة عام 2008-2009 هذا الامر الذي رسخ العلاقة المصرية مع كافة الاطياف السياسية الفلسطينية وانعكس ايجابا على تلك العلاقات.
تسلم الرئيس محمد مرسي الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة حكم مصر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، اتخذ موقف بوقف إطلاق النار من كلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بعد العدوان على قطاع غزة عام 2012 وكان هذا القرار ليس بصالح قطاع غزة.
شكل حراك 30 يونيو حالة من التغير السياسي في النظام المصري خاصة بعد اسقاط الجماعة وتولي الرئاسة لشخصية قضائية كمرحلة انتقالية حيث على الصعيد الرسمي بدأت تعود العلاقات الى حالة من الدفء والتواصل.
وتم توقيع العديد من الاتفاقيات بين الجانبين الفلسطيني والمصري وتفعيل عمل اللجنة الفلسطينية المصرية المشتركة والمشكلة من مجموعة من الوزارات وهذا جاء نتيجة الموقف السياسي الفلسطيني الرسمي من حراك30 يونيو والتي عبر من خلالها المستوى الرسمي الفلسطيني عن تأييده لرغبات الشعب المصري واختياراته بما يتوافق مع المصلحة العليا للشعب المصري والتي عبرت عنها قطاعات كبيرة من الشعب في الثلاثون من يونيو.
ظهرت الجمهورية الثالثة من خلال بروز توجهات جديدة في السياسة الخارجية المصرية وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا جديدا لمصر ولحتي الان.
لكن على الصعيد الشعبي توترت العلاقات نتيجة بعض الممارسات الحزبية الخاطئة التي دللت على ان هناك تدخلا في الشؤون الداخلية من قبل البعض غير المصري وهذا الامر الذي قبل برفض شعبي ورسمي مصري كبير على أثره توترت العلاقات غير الرسمية ولكن استطاع الجانبين المصري والفلسطيني القفز على تلك الامور لشعورهم بان الحاجة الى علاقات جيدة بين الطرفين تصب في الصالح العام العربي والدولتين وتعود بالنفع على كلى الشعبين.
أتسمت العلاقة بين مصر وحركة حماس على مدار الفترة السابقة بالتوتر والتوتر الشديد أحياناً، خاصة عقب عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي وسقوط الإخوان المسلمين في مصر، الإ أنها لم تصل لمرحلة الصدام المباشر؛ ولذلك لعدة اعتبارات، أهما مكانة القضية الفلسطينية في وجدان الشعب المصري وقيادته السياسية، ومدى الترابط السياسي والاجتماعي والثقافي بين الشعبيين الفلسطيني والمصري، الإ أن مستقبل هذا الترابط أصبح على المحك، خاصة في ظل تنامي موجات العداء الاعلامي و والشعبي في وسائل الأعلام المصرية لقطاع غزة وحركة حماس بشكل خاص، الأمر الذي يشكل جرس انذار بضرورة تصويب العلاقة في اطار ها الصحيح.
لذا يجب العمل على ضرورة ترسيخ منظومة قيمة لإعادة الروابط السياسية والاجتماعية التي تأثرت بفعل الحراكات في النظام السياسي المصري الجديد الذي انعكس على مقومات المجتمع الفلسطيني والأخذ بعين الاعتبار الدور المصري في خدمة القضية الفلسطينية ووضع استراتيجية جديدة للعلاقات بما يخدم الطرفين الفلسطيني والمصري.
كما يجب تعزيز العلاقات الفلسطينية المصرية، وعدم تهميش أي من الاطراف الفلسطيني والمصري، وتذليل كل العقبات الداخلية والخارجية المفروضة على قطاع غزة، للقيام بدوره في حماية الحدود المصرية المشتركة للمحافظة على الامن القومي المصري.