بقلم: د. عزت جرادات
على الرغم من أن (مؤتمر القدس المزعوم) والذي حمل عنواناً مثيراً وهو (الخيار الأردني: الطريق الوحيد لتحقيق السلام). قد (ولد ميتاً)، إلا أن مثل هذا الحدث لا يجوز أن يمر بشكل عابر على الساحة الإعلامية أو على الهيئات الفكرية والثقافية، محلياً وعربياً على الأقل، مع التأكيد على أن لا يعطي أكثر من حجمه، وكان من اهتمام جمعية الشؤون الدولية أن عرضت مقتطفات من كلمات القائمين عليه، مع تفاهتها، كمدخل للحوار والذي ركز على ألا يعطي أكثر من حجمه، ولكن لا يجوز أن يمرّ عابراً.
كان من الواضح تجاهل حكومة (نتنياهو) للمؤتمر، دونما أي تعليق سلبي أو ايجابي لتجنب الجرح السياسي باعتبار (حل الدولتين) هو الحل الذي اعتمدته المنظمات الدولية، واللجنة الرباعية... ولكن المعلومات المؤكدة من الداخل تشير إلى مباركة (نتنياهو) غير المعلنة لعقد ذلك المؤتمر المشئوم الذي يلتقي هدفه مع قناعات (نتنياهو) الذي يتمسك (بيهودية الدولة) وجاء ذلك المؤتمر أيضاً ليعبّر عن (يهودية فلسطين) عندما يطرح الحل البديل الذي يشير إليه عنوان المؤتمر.
ومن الأهمية بمكان إيضاح النقاط التالية:
لم تتخذ حكومة (نتنياهو)، وكذلك ... الكنيست، موقفاً رسمياً معلناً، تاركة لعضو الكنيست الليكودي المتطرف (يهودا كليك) أن يعبر عن الرأي الليكودي الذي يُؤمن به (نتيناهو).
لم يأخذ المؤتمر أي زخم أعلامي في الصحافة الإسرائيلية، ويتضح ذلك من استعراض الصفحات الأولى للصحافة الإسرائيلية أثناء وبعد المؤتمر.
لم تصدر إي ردود فعل بعد انتهاء المؤتمر من قبل الأحزاب الإسرائيلية ولعلها اكتفت بهذا الحدث كفقاعة في الهواء.
لم يلق المؤتمر إي اهتمام في الصحافة الغربية، وبخاصة الأمريكية، فلم تنشر عنه كبرى الصحف الأمريكية أثناء انعقاده أو بعد انتهائه، ما يمكن أن يعطي المؤتمر أي وزن أو قيمة.
لقد عبر الفلسطينيون العرب داخل إسرائيل بطرق إعلامية شتى عن تأكيدهم على أن (حل الدولتين) بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (1967) وعاصمتها القدس المحتلة هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة.
أن هذه المعلومات والحقائق حول ذلك المؤتمر والتي تؤكد أنه لا يتعدى كونه (فقاعة في الهواء)، ليست مبرراً على التغاضي عنه أو إهماله أو دحض مزاعمه مجتمعياً وإعلامياً، محلياً وعربياً، ومما يؤسف له، أنه باستثناء الساحة الأردنية، لم يأخذ الاهتمام لدى الصحافة والمنظمات السياسية والثقافية والإعلامية العربية، ويمكن اعتبار ذلك مؤشراً خطيراً على مدى اهتمام المجتمعات العربية بالقضية العربية الأولى، القضية الفلسطينية، وما تحقيق (حل الدولتين) إلا خطوة أولى نحو الآمال المستقبلية الكبرى للأجيال العربية.