في سياق اهتمامي بالتربية، ومتابعة أحدث الاتجاهات والأفكار التربوية، محلياً وعالمياً، كان اهتمامي (بالخطة الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم 2018-2022)، والتي زودني بها مكتب معالي الدكتور عمر الرزاز وزير التربية والتعليم، وبناءً على طلبي، مشكورين، فالتربية قضية وطنية ومجتمعية وتشاركيه تهم المواطن، والمتخصصين، والمؤسسات الأكاديمية، وكلما زاد الاهتمام بها، والمشاركة في مسيرة تطويرها تزداد إغناءً بتقديم الآراء والمقترحات الايجابية، من أجل تحقيق الأهداف التربوية المنشودة.
وقبل الحديث عن هذه الخطة، فإن من الأهمية التعريف بالإستراتيجية: مفهوماً، ونهجاً، وأهدافاً، فهي ببساطة تعبير عن الأهداف، وكيفية تحقيقها بأساليب محددة وموارد مخصصة أو متاحة، وجداول زمنية وتقييم النتاجات المرحلية والنهائية، وأصبحت الاستراتيجيات نهجاً تخطيطياً يتميز بالشمول والتكامل والمرونة في معالجة احتمالات التغيرات غير المتوقعة والتي تعترض مسيرتها وتؤثر على مشاريعها وبرامجها وتحقيق أهدافها.
لقد أسهبت إستراتيجية التربية (2018-2022) في تحليل الوضع القائم: مواطن الضعف، والقوة، والمنجزات الكمية والنوعية للنظام التعليمي، وهو أمر طبيعي أن يكون ذلك هو المدخل للإستراتيجية، وفي تقديري أن ما يهمنا التعرّف على المجالات ذات الأولوية للخطة، والتي اشتملت على ستة مجالات:-
التعليم المبكر وتنمية الطفولة، بالتوسع في هذا المجال وإتاحة الفرص للأطفال للالتحاق بمرحلة التعليم ما قبل المدرسي، أو ما يعرف بمرحلة رياض الأطفال، مع ضمان الجودة في ذلك.
الجودة في التعليم بتهيئة البيئة المدرسية الآمنة، وتطوير المناهج، وتوفير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بقيادة مدرسية مؤهلة ومشاركة مجتمعية ايجابية، واعتماد أسلوب (المساءلة: الذي يعني التحقق من مدى الوصول إلى الأهداف).
الموارد البشرية وتعنى بالمعلم من حيث التأهيل قبل الخدمة والتنمية المهنية إثناء الخدمة وتوفير الحوافز المادية والمعنوية.
وفي تقديري أن هذه المجالات الثلاثة تشكل جوهر الإستراتيجية، وهذا لا يقلل من أهمية المجالات الثلاثة الأخرى التالية، وهي:-
الوصول والمساواة، أو تعميم التعليم للجميع، مع توفير جميع متطلبات العملية التربوية المتكافئة، مهما كانت الظروف البيئة، المادية والاجتماعية.
دعم النظام المدرسي: فنياً، ومادياً، وبشرياً.
دعم التعليم المهني وتطويره.
ومن الملاحظ، أنه منذ إشهار (الخطة الإستراتيجية) المذكورة، فإن الاهتمام المجتمعي بها، وبخاصة على مستوى المؤسسات الأكاديمية التربوية، كان محدوداً، ولم يقدم إي إضافة نوعية تتعلق بالمجالات ومحاورها وآليات تنفيذها، مع إن المجالات الثلاثة الأولى، على مستوى الفكر التربوي والتجارب التربوية العالمية، تتميز بالقدر الكبير من البحوث والدراسات والنتائج التي يمكن أن تعزز تلك المجالات فيما لو تمّ التعريف بها أو تقديمها على شكل برامج أو نماذج تطبيقية، ففي إعداد المعلم وتأهيله وتدريبه ثمة اتجاه معاصر لتمكينه من (الإبداع والابتكار) في أساليبه لمواجهة (الثلاثة القاتلة للإبداع) لدى الطلبة، وهي: التلقين في التدريس، والنمطية التقليدية في البيئة الصفية، والاستيعاب التلقائي للمعلومات، ولتمكينه من ممارسة (التعليم الديمقراطي) الذي يحفز إلى المشاركة الفاعلة من الطلبة في إعمال العقل، والتفكير الناقد، وممارسة الحوار الديمقراطي في المجتمع المدرسي، ومن ثم في المجتمع المحلي.
وفي تجويد التعليم فأن المنظومة الرباعية المتمثلة بالجودة في التعليم، فالإبداع في عملياته، فالابتكار لدى المتعلم، ومن ثم إعداده وتمكينه من ( التنافسية) محلياً وعالمياً.
وأخيراً، إن أهم عنصر في إنجاح الإستراتيجية هو الميدان التربوي وتمكينه من إدراك أهدافها ومجالاتها، وهو ما يؤمل أن يتم الاهتمام به مؤسسياً، وتحية للمؤسسة التربوية/ الوزارة، على هذه الخطة الوطنية.