احمد حمد الحسبان
بعد حوالي عشرين دقيقة من النقاش المتداخل وغير المنظم، بين اللجنة المالية بمجلس النواب، ووزير المالية، طلب رئيس اللجنة من الصحفيين المغادرة، قائلا ان هناك ما يستدعي ان تكون الجلسة مغلقة، واعدا باطلاعهم على ما يتم التوافق عليه لاحقا.
هذا هو الاطار العام لاحد التسجيلات المسربة لجانب من مناقشات الحكومة واللجنة بخصوص كيفية تحصيل اكثر من 400 مليون دينار دعما لموازنة العام المقبل 2018 ، حيث بدت المناقشات وكانها» تسريبات»، او حتى استعراضات للمواقف من جهة، وللمضامين المالية من جهة أخرى.
في التفاصيل، هناك طروحات كثيرة، عبر عنها وزير المالية باعتباره الطرف الحكومي في النقاش، حيث تم الكشف عن توجه حكومي لرفع أسعار المحروقات وبخاصة» الكاز والسولار والغاز» .
ولم يتردد وزير المالية في تسريب ارقام مفادها ان» رفع الدعم « عن أسطوانة الغاز المنزلي يعني ارتفاع سعرها الى حوالي ثمانية دنانير ونصف الدينار، وان الاجراء ككل سيرفع كل ليتر من الكاز والسولار بأكثر من خمسة قروش.
تلك» التسريبات» التي يبدو ان هدفها وضع المواطن بصورة ما هو مطلوب، قد تكون بمثابة موقف تفاوضي أعلنته الحكومة كهدف، ورفضه بعض أعضاء اللجنة علنا، وشدد بعضهم على ان اللجنة لن توافق مطلقا على ذلك.
واذا ما اضيف لهذه التسريبات ما اعلن عنه رئيس الوزراء من ان كافة السلع خاضعة للبحث ضمن مراجعة شاملة لقانون ضريبة المبيعات، والتخوفات التي ابدتها بعض المرجعيات التجارية من شمول مواد أساسية كالسكر والأرز وغيره بضريبة المبيعات وبسقفها الأعلى، وإعادة النظر في آلية دعم الخبز، فإن ذلك يعني ارتفاعا لافتا في الأسعار يطال مباشرة فئة محدودي الدخل.
تلك الفئة التي يسود اعتقاد بان ما يصل الى تسعين بالمائة منها ينتمون الى الطبقة الدنيا، وان حوالي العشرة بالمائة منها يمكن تصنيفهم بانهم من الطبقة الوسطى.
المدقق في تفاصيل المناقشات المسربة يتوقف عند بعض المحطات.
أولها: ان مواقف النواب أعضاء اللجنة ليست حاسمة في أي اتجاه، ولا يوجد مشروع متكامل يجمعون عليه، يمكن ان يكون بديلا لما تطلبه الحكومة، فاحدهم ـ فقط ـ اعلن رفض اللجنة لطروحات الحكومة، وخياراتها، وآخر اقترح ان يكون البديل رفع رسوم تصاريح العمل والزام المخالفين من العمالة الوافدة بتصويب أوضاعهم، وأشار الى ان هذا البند فقط يمكن ان يوفر الاربعمائة مليون دينار.
ثانيها: لم يشهد الحوار أي طرح يذكر بان مادة الغاز ليست مدعومة، وان الاتفاق البرلماني الحكومي الذي اسفر عن تثبيت سعر أسطوانة الغاز تم على قاعدة تحميل أي ارتفاع لاسعار الغاز للمحروقات الأخرى من بنزين وسولار وكاز، وان ذلك ما حدث على مدى السنوات الفائتة.
ثالثا: لم تتطرق المناقشات الى بدائل أخرى تتعلق بضبط النفقات، وتخفيضها، فباستثناء إشارة من وزير المالية لم يجر البحث في هذا المجال. كما لم يتم التطرق الى المردود المفترض لإجراءات مكافحة التهرب الضريبي التي أعلنت عنها الحكومة وتاثيراتها على الموازنة.
رابعا: في الجهة الأخرى، الجهة الحكومية، كان هناك إصرار على التحصيل، وهناك تكرار للسؤال عند أي تعبير عن رفض لاي مقترح « من اين ناتي بالاربعمائة مليون دينار اذن»؟
كل ذلك يعني ان هناك مشروعا حكوميا جاهزا، بينما تفتقر اللجنة المالية لمثل ذلك المشروع، وتعتمد أسلوب النقاش الارتجالي.
وبعد ... الم يحن الوقت لاعادة النظر في آلية عمل لجان المجلس؟ وبخاصة اللجنة المالية؟
والم يحن الوقت لارساء أسس لمناقشة الموازنة ضمن مختلف القراءات؟
عن الدستور