بقلم: سامي المعايطة
" هل تحتاج إلى لجنة ملكية خاصة لتطوير التشريعات والمعايير الأكاديمية لإنقاذها بأهمية القضاء "
حاول الكثير من القيادات الأكاديمية صناعة حالة من الفخر المصطنع و مبرر مجزوء للجامعات التي دخلت كوكبة أول 500 جامعة عالمية في واحد من التصنيفات العالمية ، وتعد هذه المعايير معايير شمولية ولم ولن تقتصر على معيار التصنيف الرقمي المتباين والمتغير وتجاهل حزمة أخرى من المعايير وذلك لخلق حالة موضوعية ومنهجية و كثير من العدالة والحيادية والموضوعية من وزارة التعليم العالي واصحاب القرار والمؤسسات البحثية والعلمية ولا نساهم في إحباط القائمين على جامعاتنا الاخرى التي نعتز بها كالجامعة الام (الجامعة الاردنية) وكذلك حتى ينسب الفضل لأهله وهم اساتذه الجامعه واداراتها السابقه, ويجب أن يعلم الجميع أن التصنيف عامل محفز وفق معايير مهنية ومنهجية وتتباين صعودا وهبوطا تبعا لمواكبة هذه المعايير وهناك وحدة خاصة في كل جامعة تسمى وحدة التقييم وضبط معايير الجودة وهي ليست جديد. ولكت كثرة الكلام في الموضوع يجعل الاخرين يشككون فيه ، وايضا يجعل جامعاتنا الاخرى وكأنها في سباق التتابع السريع ويجعلها كانها ميتة ويقلل من مكانتها ويضعها في إطار النجاح والرسوب للاسف وايضا يعطي انطباع بان من هو دون الخمسمائة لا قيمة له وهذا اضرار بسمعة التعليم العالي بالاردن. ولو اننا في الاعوام القادمة عدنا بلا جامعة بين الخمسمائة جامعة فان ذلك يعزز الاسائه للتعليم العالي في الاردن وخصوصا ان وزارة التعليم العالي تسعى لاستقطاب طلبه غير اردنيين للجامعات الاردنيه الحكوميه والخاصه, وهذا يدعو للاتزان في الفرحة الذي هو اكمل للعقل, ولذلك على وزارة التعليم العالي ان تتريث في تبني تحصيل لا يستقر الا باستمراره, وان كان لا بد من شكر ادارة على هذ الانجاز فانه لجهد تراكمي لادارات الجامعة المتتالية وليس للأداره القائمة والمتغير مع الاحترام .
وحتى يكون هناك نظره علميه اكاديميه حقيقيه تبين في ما يلي النظرة التحليلية لبعض الارقام التي تجعلنا نبين القيمية الفعلية للتصنيف دون تبخيس او تضخيم وننصف كل مؤسساتنا التعليمية ونرجع الفضل لأهله.
هنالك عدة مؤسسات عالمية تقوم بتصنيف الجامعات وهي شنجهاي و كيو اس , يو اس نيوز, و التايمز, ومن حيث الثقه ، فان تصنيف شانجهاي هو الاكثر شهرة كونه يعتمد الشفافيه والحصول على المعلومه عن الجامعه من طرف ثالث. وقد اعتبرت مجلة The Economist عام 2005 تصنيف شانجهاي كاكثر تصنيف سنوي معتمد للجامعات العالميه. وفي عام 2010، اعتبرت The Chronicle of Higher Education تصنيف شانجهاي الاكثر تأثيرا لتصنيف الجامعات, ويتلوه في ذلك كيو اس, اما تصنيف التايمز فليس هو الخيار الاول للجامعات. حيث كان عدد الجامعات المتقدمه لتصنيف التايمز حوالي 1300 جامعة مشكلةَ قرابة 6% من اصل 22 الف جامعة عالميه, واسباب ذلك تعود الى عدم تدقيق البيانات التي تقدمها لها الجامعات او مراجعتها قبل اعلان النتائج, وكذلك فان تصنيف التايمز متذبذب وبشكل كبير من سنة لاخرى ويعاني من مصداقية الثبات فبعض الجامعات يتغير موقعها اكثر من 400 درجة من سنة لأخرى وقد جرت مقارنة بين تصنيف التايمز وتصنيف كيواس ( والذي يضم حوالي 5000 جامعة) في معدل التغيير في ترتيب اول مائة جامعة -على اعتبار ان هذه الجامعات اكثر ثباتا - فكان معدل التغيير في التايمز ضعفي معدل التغيير في ال كيو اس.
منهجية تصنيف التايمز
هنالك خمسة عناصر لتقييم الجامعة و هي البحث العلمي 30% وتأثير البحث العلمي ونوعيته (الأقتباس) 30% و التعليم 30% والدخل من الصناعة 2.5 % والنظره العالمية 7.5%. ويعتمد تقييم التايمز على المعلومات التي تزودها الجامعة بالاضافة الى استبانات وكذلك بعض المعلومات المتعلقة في الأبحاث المتوفره في قاعدة البيانات سكوبس, وسنناقش تاليا اهم ثلاثة عوامل:
• البحث العلمي 30%.
لنبدأ بالبحث العلمي ويقاس بعدد الاوراق العلمية المنشورة في المجلات و المؤتمرات الموثقة في قاعدة البيانات سكوبس(Scopus) لكل عضو هيئة تدريس, وبالتالي فان هذه النتيجة وهذا الأنجاز يعود وبشكل اساسي الى نشاط و جهد اعضاء الهيئة التدريسية و طلبة الدراسات العليا وهو بذلك غير متعلق بإدارة معينة او رئيس جامعة وكما تشير الارقام بوضوح في التايمز فان جامعة العلوم والتكنولوجيا قد تراجعت هذا العام في البحث العلمي (غزارة الانتاج العلمي) من علامة 7.6 الى 7.0 , لتصبح بعد الجامعة الاردنية التي حصلت على علامة 9.1 وبعد الجامعة الهاشمية التي حصلت على علامة 7.9 في مؤشر غزارة الانتاج في البحث العلمي لهذا العام.
• الأقتباس 30%
بالنسبة للأقتباس فيتم قراءته بناء على بيانات السنوات 2012-2016 حسب ما هو مذكور في موقع ال Times وبنفس المنطق لا يمكن حسابه لأدارة معينه بذاتها ولكن تحسب للادارات التي كانت في الجامعة في الاعوام 2012-2016. والاهم من كل ذلك ان هذا النجاح يعود لأعضاء هيئة التدريس والعاملين في الجامعة. وكما قدمنا فان الارقام الواردة في التايمز مجال جدل كبير فمثلا غزارة الانتاج العلمي في الجامعة الاردنية أفضل منه في جامعة العلوم والتكنولوجيا لعام 2018 كما هو منكور اعلاه حيث حصلت الجامعه الاردنيه على علامة 9.1 والتكنولوجيا على علامة 7.0. واذا عدت لتصنيف ال QS لعام 2018 فانه يتضح ان تصنيف الجامعة الاردنيه 551-600 بينما تصنيف العلوم والتكنولوجيا 601-650 بفارق 50 مرتبه اعلى من التكنولوجيا.
• التعليم 30%:
بالنسبة للتعليم فهو ايضا متعلق برضا الطلبة وكذلك اعدادهم ونسبة الطلبة الاجانب في الجامعة ونسبة طلبة الدراسات العليا في الجامعة وهذا واقع لا يمكن تغيره من ادراة الجامعة خلال سنة واحدة وانما هي حصيلة عمل وجهد متراكم, بالنظر لهذ المؤشر فان الجامعة الاردنية افضل من جامعة العلوم والتكنولوجيا في هذا المحور، حيث حصلت الاردنيه على علامة 19.3 والتكنولوجيا على علامة 14.8 لعام 2018.
مصداقية المعلومات:
هنالك ارقام لا يمكن فهمها وردت في ملف بعض الجامعات المتقدمه لهذا التصنيف حسب الملفات المحمله على موقع التايمز، مما خلق حالة من عدم الارتياح عند اعضاء هيئة التدريس في الجامعات الاردنيةبان يكون سباق محموم لرؤوساء الجامعات لكسب الشهرة والسمعة على حساب المصداقية وتاليا نبين بعض هذا الخلل كما ورد في الموقع الرسمي لتصنيف التايمز حسب ما تم تحميله من ملفات من الجامعات المتقدمه:
• فمثلا وحسب ما ورد في الموقع الرسمي للتايمز فان نسبة الاساتذة للطلبة في جامعة العلوم والتكنولوجيا لعام 2017 كانت 21.5 بينما في العام الحالي اصبحت 12.6 مع ان عدد الطلبة للسنتين متقاربة ولتصبح الارقام مقبولة فينبغي ان اعضاء التدريس قد زادوا في عام واحد 60%, بمعنى اخر فان عدد ما تم تعينهم خلال عام هو حوالي 600 عضو هيئة تدريس جديد؟
• في ملف جامعة العلوم والتكنولوجيا مذكور وجود برامج دكتوراه في الهندسة المدنية والصيدلة وحسب علمي ان هذين البرنامجين تم تجميدهما منذ عشر سنوات ولا يوجد اي طالب منذ عقد من الزمان على مقعد الدرس وحتى هذه اللحظة وربما تنوي الجامعه اعادة فتح هذه البرامج هذا العام.
• هنالك اخطاء واضحة بالأرقام في بعض الجامعات المتقدمه فمثلا عدد الطلبة في الجامعة الاردنية اقل من الجامعة الهاشمية عام 2016-2017 بما يزيد على 3000 طالب، فما هو موجود في تقارير التايمز ان عدد الطلبة في الجامعة الأردنية هو 26,532 بينما في الجامعة الهاشمية هو 29,803 وهذا امر غير معقول.
والخلاصة فان قادة التغيير واللذين يحسب لهم اي انجاز او اي تقدم في مرتبة الجامعة ومستواها اساتذه وطلبه الجامعه وادارات الجامعات لفترات سابقه فهذا عمل تراكمي على مدار سنوات.
ولا أتحدث عبثا بالقول بأن واقع التعليم العالي بنظرته الشمولية يحتاج إلى وقفة جادة من المرجعيات العليا وربما بحاجة تقييم دور مؤسسات التعليم العالي في مسيرة التنمية والإصلاح التي تنشرها وفق رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه والإرتقاء نحو مزيد من الإزدهار والتقدم العلمي وللحديث تتمة ...