بقلم: فادي محمد الدحدوح،
المشكلة ليست في النظام التعليمي وحده بل في المنظومة الإدارية بشكل عام في الدول النامية، حيث تسود فيها المركزية، والسلبية، والمحسوبيات، وغيرها من الأمراض التي تعقد طريق الإصلاح الإداري للأنظمة.. فهل المشاركة كأسلوب لصنع القرار في مؤسساتنا العربية يعد مدخلاً هاماً للحل..بالتأكيد نحن بحاجة للمشاركة الفعلية من كافة أفراد المنظمة والمجتمع بصناعة القرار.
لا يخفى أن القرارات على تنوعها تتفاوت درجة أهميتها وخطورتها، فكل المسائل فيه في عالم الإنسان تحتاج إلى قرار يحدد مواقفه من الأشياء أو الأحداث التي يمر بها بدءً من إدارة الأسرة مروراً بالمؤسسة والوزارة والدولة ولا فرق أن تكون هذه القرارات تتم بالفعل أو برد الفعل أو الامتناع عن الفعل.
ولكن أخطرها تلك التي تصيب الأداء المعتاد لأسلوب صنع القرار بالاضطراب والخلل والحيرة، بسبب تضافر عناصر المفاجأة وضيق الوقت والشعور بالخطر الداهم، وقلة المعلومات المتاحة، وانعدام الثقة بين المؤسسات والدوائر المحيطة بصانع القرار، وهذه أمور تجعل عملية اتخاذ القرار المناسب شبه مستحيلة.
فالقرارات الهامة والخطرة تتخذ أثناء إدارة الأزمات الملتهبة وسواء كانت الأزمة داخلية أو خارجية، إقليمية أو دولية، سياسية أو عسكرية، المهم فيها خطر واقعي وتصديق تام لنشوب نزاع أو وقوع فتنة عظمى.
وفي مثل هذه الأزمات التي لا تسمح إلا بأوقات محددة للتعامل مع ظروفها المتغيرة، و تتزايد فيها الحاجة إلى الفعل المؤثر، وسط درجة عالية من الشك تحيط بكل الخيارات المطروحة، وتحت ضغط نفسي هائل من احتمال تدهور الموقف وفشل العملية برمتها، تتخذ القرارات المصيرية والخطرة وتحدد المواقف بوضوح وعلانية.
وتنبع حنكة صانع القرار ونبوغه وبراعته عندما يقتطف الأمل من وسط احتمالات الفشل العظيمة، واليأس الكامل، والنجاح في هكذا ظروف هو ورقة عبور إلى صناعة قرارات أخرى اكبر واخطر.
ﻴﺸﻴﺭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺒﻜل ﺘﻔﺎﻋﻼﺘﻬﺎ ﻭﺨﺼﺎﺌﺼﻬﺎ ﺇﺫ ﻴﻠﻌﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ ﺩﻭﺭﺍً ﻜﺒﻴﺭﺍً ﻓﻲ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ ﺍﻟﺠﻴﺩ ﻴﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻕ ﺠﻭ ﻋﻤل ﺇﻴﺠﺎﺒﻲ ﻴﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓـﻲ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺸﻌﻭﺭﻫﻡ ﺒﺄﻫﻤﻴﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓـﻲ صناعة ﺍﻟﻘـﺭﺍﺭﺍﺕ ﻭﺭﺴـﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ.
إﻥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺠﻌﺔ للأفراد العاملين ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤـﻲ ﺍﻟﺠﻴـﺩ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﻨﺎﺠﺤﺔ ﻓﻲ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻭﻻﺀ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ ﻟﺩﻯ ﺃﻓﺭﺍﺩﻫﺎ.
إن ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻜﺄﺴﻠﻭﺏ ﻟﺼﻨﻊ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ في مؤسساتنا العربية ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﻤﻭﻗﻑ ﺠﻤﺎﻋﻲ ﻴﺘﺸﺠﻊ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺍﻟﻔـﺭﺩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺸﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﺴﺅﻭﻟﻴﺔ، وﺘﻨﻁﻭﻱ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﺌﻤـﺔ ﻋﻠـﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﺠﻌل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻨﺎﺠﺤﺔ ﻭﻓﻌﺎﻟﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺠـﺭﺩ ﺍﻻﻋﺘﻤـﺎﺩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﺔ.
إن عملية المشاركة في صناعة القرار في مؤسساتنا العربية ﺘﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺩﺍﻓﻌﻴﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺤﻔﺯﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺍﻟﺠﻭ ﺍﻟﻨﻔـﺴﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺇﻋﻁﺎﺀ الأفراد العاملين ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﺍﻟﺠﻴﺩﺓ ﻟﻠﻤـﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺇﻁـﻼﻕ ﺍﻟﻌﻨـﺎﻥ ﻷﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻭﺇﺒﺩﺍﻋﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺏ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻤﺭﺠﻭﺓ، وﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﻤﻬﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﺤﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﺭﻭﺡ ﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻤﺎ ﻴـﺅﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺩﺭﺠﺔ ﻭﻻﺀﻫﻡ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ.
تشير الدراسات ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟـﺩﻴﻬﻡ الفرصة في المشاركة بصناعة القرار ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻋﻤﻠﻬﻡ ﻴﺘﻤﻴﺯﻭﻥ ﺒﺄﺩﺍﺌﻬﻡ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻲ ﺍﻟﺠﻴﺩ.
إن مشاركة العاملين بمؤسساتنا العربية ﻴﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺠﻌل ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻴﺘﻤﺴﻜﻭﻥ ﺒﺄﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻹﺨﻼﺹ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺍﻟﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﺘﺒﺎﻉ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻠﻭﺍﺌﺢ ﻭﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘـﻀﻊ ﻀﻭﺍﺒﻁ ﺘﺤﻜﻡ ﺴﻠﻭﻙ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻟﻠﺘﻌﺎﻤل ﺒﺈﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟـﺯﻤﻼﺀ ﺩﺍﺨـل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ .
إن قيادة المؤسسة العربية مطالبة في التأثر بسلوك ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﺠـل ﺇﺤـﻼل ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ، واعتبار ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﻨﺎﺠﺢ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻡ ﺍﻋﺘﻘـﺎﺩ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﻴﺯﺭﻉ ﻓﻴﻬﻡ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻟﺒﺫل ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﺍﻹﺒـﺩﺍﻋﻲ ﻭﺒﻨـﺎﺀ ﻋﻼﻗـﺎﺕ ﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﻴﺴﻭﺩﻫﺎ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻟﻴﺼل ﺒﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ إلى المشاركة بصناعة القرار وتحقيق ﺍﻟﻭﻻﺀ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤـﻲ ﻷﺠـل ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ.