د. اسعد عبد الرحمن
مع انتخاب (آفي غباي) رئيسا جديدا لحزب العمل قبل أسبوعين، يجدر التذكير بأنه مع قيام دولة إسرائيل تولى الحزب المذكور الحكم عقودا طويلة حتى جاء اليمين - لأول مرة - إلى السلطة في ذروة «انقلاب الليكود 1977».
اليوم، وفي ظل حكومة اليمين الأكثر تطرفا في إسرائيل، ربما بات الكثيرون يؤمنون بأن رئيسها (بنيامين نتانياهو) ليس الشخص القادر على التعامل مع المتغيرات الإقليمية واستغلال الفرص المتتالية وصنع تسوية نهائية مع العرب.
من هنا، جاء الاهتمام بفوز رجل الأعمال السابق ذو الأصول المغربية (غباي) برئاسة «العمل»، وكان (غباي) قدم استقالته 2016 من حكومة (نتانياهو) بعد أن أسفرت المحادثات الائتلافية عن دخول حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة وزير الجيش الحالي (أفيغدور ليبرمان) إلى الحكومة، متهما الائتلاف الحاكم في حينه «بقيادة إسرائيل إلى الهلاك».
(غباي) أعلن انطلاق حملته الانتخابية لإطاحة (نتانياهو) وتعهد بالفوز في الانتخابات المقبلة.
وقال (غباي): «إسرائيل متجهة إلى انتخابات لكن لا يُعرف الموعد بعد. الحزب بحاجة على الأقل إلى 100،000 عضو بحلول الانتخابات المقبلة وهو ضعف عدد الأعضاء الحالي في الحزب، بغية الفوز بـ30 مقعداً واستبدال حكومة نتانياهو».
واضاف «مواقفي هي مواقف حزب العمل- دولتين (لشعبين)».. «القدس ستبقى موحدة في أي سيناريو ولا يمكن أن تكون هناك مفاوضات حولها». كما أشار إلى عكس موقف «الليكود» الحاكم مؤكدا على أن «رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هو بكل تأكيد شريك للسلام».
المثير أنه بعد يوم واحد من فوز (غباي) برئاسة «العمل»، أظهر استطلاعان للرأي العام أجرتهما قناتا التلفزيون الإسرائيلي الثانية والعاشرة أن «العمل» عزز قوته وأصبح متقدماً على حزب «يوجد مستقبل» برئاسة عضو الكنيست (يائير لبيد).
ووفقاً لاستطلاع القناة الثانية، فإنه في حال إجراء الانتخابات الإسرائيلية العامة الآن، سيحصل «الليكود» على 25 مقعداً، و»العمل» على 20 مقعداً، و»يوجد مستقبل» على 18 مقعداً، و»البيت اليهودي» برئاسة وزير التربية والتعليم الأشد تطرفا (نفتالي بينت) على 13 مقعداً، و»إسرائيل بيتنا» على 6 مقاعد.
أما استطلاع القناة العاشرة فأظهر أنه في حال إجراء الانتخابات الآن فسيحصل «الليكود» على 29 مقعداً، و»العمل» على 24 مقعداً، و»يوجد مستقبل» على 16 مقعداً، و»البيت اليهودي» على 14 مقعداً، و»إسرائيل بيتنا» على 7 مقاعد.
ما سبق يشير إلى أن هناك اليوم حالة في الشارع الإسرائيلي أقل يمينية من الائتلاف الحاكم.
فوز (غباي) يشكل حالة مثيرة للاهتمام للإسرائيليين باعتبار أن هناك خيارات أخرى غير (نتانياهو)، فالرئيس الشاب فاز على قادة الحزب التاريخيين ما يعكس رغبة المجتمع الإسرائيلي في التغيير. في السياق، كتب محلل الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» (يوسي فيرتر) يقول: «إن الذي جعل فوز غباي ممكناً هو الحضيض الانتخابي والجماهيري والدعائي الذي تدهور إليه حزب العمل..
لقد كان الحزب بحاجة إلى صدمة كهربائية، وهذا ما حصل».
وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس (جدعون راهط) عن فوز (غباي): «هناك تفسيران أولهما «اليأس» والآخر هو «السياسة الشخصية» التي تكون فيها الشخصية أهم من السياسة». أما المحلل السياسي (افراهام ديسكين) فيقول: «غباي وجه جديد وبليغ للغاية ومصمم وذكي جدا وليس عضوا من قبل في حزب العمل، بل شخص يرمز الى الأمل». إن تصنيف الأحزاب الإسرائيلية الى «يسار» و»يمين» مضلل.
فحزب «العمل» اليساري أيديولوجيا، يؤمن كغيره من الأحزاب اليمينية بقيمة الاستيطان، وعلى أن «القدس الموحدة» عاصمة لإسرائيل، وأنه لا عودة للاجئي 1948.
بل إن هذا «اليسار» كان أول من زرع جدار الفصل العنصري في «قلب» الضفة الغربية.
لكن، بما أن اليمين المتطرف بات ينفر المحيطين الإقليمي والعالمي نتيجة مقارفاته تجاه الشعب الفلسطيني، فمن الطبيعي أن ينعكس الأمر على الداخل الإسرائيلي، ما يعطي (غباي) فرصة للإطاحة بـ(نتانياهو) إن هو أحسن استثمار ذلك.
عن الرأي