حين يتحدث وزير الاستثمار الاردني وكأنه وزير استثمار في
دولة تملك اجملي ناتج محلي يسمح باختراق الأسواق المرتبطة باتفاقيات مع الاردن حيث
يرتبط الأردن باتفاقيات تجارية مع مايقارب نصف حجم الاقتصاد العالمي حسب الوزير
حيث حجم الناتج المحلى الإجمالي العالمى لعام ٢٤ يساوي ١٠٩ ترليون فإن هذا التصريح
لا يبدو واقعيا ولا منطقيا بل يبدو كأنه نوع من التسويق الدعائي غير مبني على
وقائع اقتصاديه محسوسه او نتائج رقميه حقيقيه فحديثه عن انفتاح الاقتصاد الاردني
على اقتصادات بحجم خمسين ترليون وانه مرتبط باتفاقيات مع دول يمثل ناتجها المحلي
هذا الرقم الكبير هو في ظاهره يوحي بالهيبه والفرص الواسعه لكن في حقيقته هو ايهام
للجمهور بفكره غير دقيقه لان مجرد وجود اتفاقيات مع دول اقتصاديه كبيره لا يعني
بالضروره انك شريك فاعل او مؤثر في اقتصاداتها بل ولا حتى مستفيد حقيقي منها فقد
يكون الاختراق عكسي وهو الواقع الفعلي
الوزير تجاهل ان الناتج المحلي الاردني لا يتجاوز خمسين
مليار دولار وهو رقم يعكس حجم الاقتصاد الحقيقي بكل مكوناته وموارده وطبيعه السوق
المحليه فكيف يمكن لاقتصاد بهذا الحجم المحدود ان يكون قادرا على المنافسه والتمدد
في اسواق تملك من القدرات الماليه والبشريه والتكنولوجيه والانتاجيه ما لا يقارن
بواقع الاردن كما تجاهل الوزير ان الاردن سبق وان وقع اتفاقيات تجاره حره مع
العديد من الدول والمناطق الكبرى مثل اتفاقيه الشراكه الاوروبيه واتفاقيه التجاره
الحره مع الولايات المتحده ومع دول عربيه اخرى ولكن ماذا كانت النتائج على ارض
الواقع الواقع يقول ان هذه الاتفاقيات ساهمت في تاكل القاعده الصناعيه المحليه
بدلا من تقويتها فالاسواق الاردنيه غزتها بضائع اجنبيه باسعار اقل وجوده اعلى
نتيجه لفرق كلف الانتاج خاصه في الطاقه والنقل والضرائب وهو ما ادى الى اغلاق مئات
المصانع الصغيره والمتوسطه واضعاف قدره المنتجات الاردنيه على التنافس حتى في
السوق المحلي لا بل ان العديد من الصناعيين اضطروا لتقليص اعمالهم او نقلها الى
الخارج بسبب البيئه الطارده للاستثمار وغياب الحوافز وضعف البنيه التحتيه وتعدد
المرجعيات.
من هنا فإن الحديث عن اسواق مفتوحه بعشرات الترليونات لا
يكون منطقيا الا حين نمتلك صناعه قويه وتجار مرنه وخطط تصدير مدروسه وقطاع خاص
قادر على الاستفاده من تلك الاتفاقيات اما ان نظل نكتفي بعقد اتفاقيات بدون بناء
قاعده انتاجيه محليه قويه فهذا فقط يزيد من عجز الميزان التجاري ويعمق الاعتماد
على الاستيراد.
الحديث عن الاسواق العالميه لا يكتسب جديه الا عندما ننجح
اولا في الاسواق المجاوره ونستعيد حيويتنا في السوق العراقي والسوق السوري ونتغلغل
في السوق الخليجي وننافس بمنتج وطني قادر على التصدير فعلا لا قولا فقبل ان نتحدث
عن السيطره على اسواق ترليونيه علينا ان نتحدث عن انقاذ المصانع المتوقفه وتحفيز
الصناعات الصغيره والمتوسطه وخفض كلف التشغيل وتوفير بيئه حقيقيه للانتاج عندها
فقط يصبح الحديث عن الاسواق العالميه حديث ذا معنى اما الان فلا نريد ترليونات
نريد فقط مليارات حقيقيه محسوسه تنتج دخل وفرص عمل ونمو ملموس في حياه المواطن
وميزانيه الدوله.