100 ألف يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في الأقصى سعر غرام الذهب 21 يتجاوز 60 دينارًا في السوق المحلية الرواشدة: الرعاية الملكية لمهرجان جرش تقترن بأهمية الأردن ورسالته الحضارية والإنسانية ارتفاع الصادرات الزراعية 38% العام 2024 تصدير 46 ألف رأس من الخراف إلى الأسواق الخليجية إتلاف 7639 كيلوغرام مواد غذائية منذ بدء العام بمادبا نضال الحديد وكامل اعضاء إدارة الفيصلي يضعون استقالاتهم أمام وزير الشباب الزميل أسامة بليبله.. كل عام و أنت بألف خير و سعادة الجمعية الفلكية الأردنية: رؤية هلال شوال "غير ممكنة" في 29 رمضان وزير الشؤون السياسية: الشباب الركيزة الأساسية في مشروع التحديث أونروا: وقف إدخال المساعدات إلى غزة تطور خطير لم تشهده المنطقة سابقا وزير الصحة: مخزون الأطباء كبير ولا يمكن تعيين الكل "التعليم العالي" تبحث إدخال الذكاء الاصطناعي في الجامعات المومني: وزارة الاتصال الحكومي ستدعم الجهود الشاملة لمواجهة آفة التدخين الدكتور جاد الله الخلايلة مديراً عاماً للضمان الاجتماعي بالتكليف

القسم : بوابة الحقيقة
يا خالدَ التُّرك جدّدْ خالدَ العربِ
نشر بتاريخ : 2/14/2025 7:21:14 PM
د. حفظي حافظ اشتيه

قبل عدة أيام كتبتُ ــ بأسى بالغ ــ عن المشروع العربي الغائب، ثم دهمتنا سريعا أحداثٌ جسيمة، وصدمتنا تصريحاتٌ جديدة قديمة، تؤكد أنّ المشروع الصهيوأمريكيّ ماضٍ نحو غايته الماكرة المأمولة المرسومة، وأنّ الذي كان يجري الحديث بشأنه تلميحا أصبح واقعا صريحا.

لم نشهد في التاريخ الحديث فترة تجلّى فيها الطغيان الصهيوأمريكيّ على عالمنا العربي الإسلامي كما هي حاله الآن؛ غابت تماما، بل خُنقت الأحاديث البراقة عن القوانين الدولية، والمنظمات الأممية، والقرارات الشرعية، والمحاكم الجنائية، وحقوق الإنسان، وصون حدود الأوطان، وتهاوت تحت الأقدام جميع الأقنعة والأعراف المرعية.... وظهر وجه استعماريّ كريه قبيح بلغة فجّة تفتقر إلى أدنى أبجديات الدبلوماسية، وتكاثرت الألاعيب العبثية، والأعذار الواهية، بل دون أعذار لسان الحال يقول: ما شئتَ لا ما شاءت الأقدارُ              فاحكمْ فأنتَ الواحدُ القهّارُ

هذا هو الواقع المرير الذي لن تنفع معه أخلاقنا الراقية الرفيعة المترفعة التي لا تليق به، ولن تشفع حكمتنا الزاخرة البالغة التي لا تنفع معه. إنه منطق حق القوة الطائشة الظالمة الغاشمة غير الأخلاقية الغادرة. فماذا نحن فاعلون؟!

تألمنا طويلا لغياب مشروعنا العربي الموحَّد، الذي كان يمكن أن يحفظ أوطاننا التي فقدناها تباعا، وكلٌّ منا يظن أنه بصبره الإستراتيجي سيسلم، إلى أن وصلنا إلى الحالة التي نصيح فيها معا: " انجُ سعد، فقد هلك سعيد" .

ونتيجة هذه الغطرسة التي تجبهنا جميعا، ظهرت بوادر أمل بأننا أدركنا ــ ولو متأخرين ــ بأننا كلنا مستهدفون، ولا نجاة لأحدٍ مما تبقى منا إلا بوحدتنا وتكاتفنا. هذا ما ظهر جليّا في الموقف العربي الإجمالي من قضية تهجير الشعب الفلسطيني، والاستيلاء التام على أرضه ومقدراته تمهيدا للوثبات القادمة على الدول العربية الإسلامية اللاحقة.

وقد أثار هذا التنمّر الغاشم والتجبر الكاسر معظمَ العالم، فتعالت الأصوات من كل صوب لمواجهة هذا الخطر الداهم، من جنوب إفريقيا إلى أقاصي آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

ولعل الأجدى والأجدر أن نتوحد نحن " المستهدفين " لدرء هذا الخطر، وكبح هذا الجبروت.

والمستهدفون المقصودون هنا هم عالمنا العربي ودولنا الإسلامية في المحيط، فكلٌّ منها واقع الآن وسيقع مستقبلا في قلب العاصفة المجنونة الجائحة.

ومن ضرورات تعاليم الدين القويم، والعقل الراجح الرشيد، ومقتضيات المصلحة للجميع، أن يدرك العرب والمسلمون أنه آن الأوان لتجاوز خلافاتهم المفتعلة بين السنة والشيعة، التي نشبت حول حقوق الخلافة الإسلامية بين الصحابة منذ 1400 عام، تلك الخلافات التاريخية البائدة التي أحياها واختلقها مجددا مكرُ الغرب لتفريق الأمة، وتمزيق شملها، وهدر طاقاتها وثرواتها، وإشعال حروب غبية فيما بينها. فلا بدّ من اليقظة من هذه الغفلة القاتلة، والاعتصام التامّ ــ  بصفاء نية، وسلامة طويّه ــ بكل ما يجمع، وأقل ذلك الاجتماع في مواجهة خطر لا يرحم منا أحدا.

وقد ظهرت مؤخرا دعوات من تركيا تذكّر بالعلاقة الدينية السياسية التاريخية الجغرافية مع العرب، فردّ " عبد الحميد عثمان أوغلو " حفيد السلطان " عبد الحميد الثاني " على تصريحات " ترامب " بشأن شراء غزة أو الاستيلاء عليها قائلا : إن غزة ملكية شخصية مسجلة لجدّه، وإنها ليست للبيع. وفي كلامه هذا إعادة بعث لشرعية الملكية الإسلامية الجامعة لهذه الأرض المقدسة.

كما اقترح " أحمد داوود أوغلو " رئيس الوزراء التركي الأسبق، رئيس حزب " المستقبل " التركي المعارض، إجراء استفتاء على ربط غزة بتركيا مع منحها الحكم الذاتي حتى قيام الدولة الفلسطينية. وخاطب " ترامب " قائلا:

إن الدولة الشرعية الأخيرة التي حكمت فلسطين وأهل غزة هي الدولة العثمانية، وإن جمهورية تركيا هي الاستمرارية الشرعية للدولة العثمانية.

ومع إيقاظ أمنياتنا بأن العرب أولى بأن يطالبوا بغزة والضفة وكل فلسطين، ومع عظيم إدراكنا بأنهم جادون الآن في ذلك رغم فداحة الأخطار المحدقة والتهديدات الهائلة، إلا أننا نستذكر ــ بحسرة ــ صرخة " المعتمد بن عباد " ملك إشبيلية وقرطبة حين لم تنفعه مهادنته لِ " ألفونسو السادس " ملك "قشتالة" الذي هاجم مملكته، فاستنجد المعتمد بحاكم المرابطين " يوسف بن تاشفين " في المغرب، رغم أن حاشيته نصحوه بألّا يفعل خشية أن ينجو من" ألفونسو" ويكون ضحية "ابن تاشفين"، قائلين له: المُلك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمد واحد. إلّا أنه لم يُصغِ إليهم، وأجابهم بصرخة خالدة ليتنا نتمثلها اليوم: " والله لَأَنْ أرعى الغنم عند ابن تاشفين، أحبُّ إليّ من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو.

نقول لأوغلو عبد الحميد، وأوغلو أحمد داوود، والشعب التركي المسلم العظيم: غزة معقل إسلاميّ، وشعبها الفلسطيني العربي صامدٌ مقاومٌ أبيّ، وواجبكم نصرته وذود الخنازير عنه، والحفاظ على عروبته وإسلاميته. والمأمول منكم أن تجنّبونا تماما خيبة أمل " أحمد شوقي " عندما امتدح "أتاتورك" في قصيدة شهيرة مطلعها:

الله أكبرُ كمْ في الفتحِ من عجبِ           يا خالدَ التُّركِ جدّدْ خالدَ العربِ

لكنّ " أتاتورك " خيّب آمال الأمة بإسقاط الخلافة الإسلامية، وأبعدَ تركيا عن مجالها الطبيعيّ الدينيّ الحضاريّ.

فهل نعيد قراءة التاريخ من جديد دون لحن، ودون وهْم سلام عادل يُستجدى بين الشرق العربيّ الإسلاميّ والغرب الاستعماريّ الصهيونيّ؟

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023