بقلم: ماهر أبو طير
كل التحليلات تتحدث عن علاقة
الإسلاميين بالحكومة وإذا ما كانت ستكون متوترة داخل البرلمان، أو عدائية، أم أنها
ستأخذ اتجاها تصعيديا، لاعتبارات كثيرة حدثت مؤخرا.
من المبكر الإجابة الكاملة على السؤال،
لكن الأصل هنا وضع أسس لتعريف التوتر أو العدائية، وعلى ضوء ذلك يمكن تحديد وجود
هكذا حالة أم لا، خلال الدورة الأولى بشكل خاص، وهنا يمكن القول إن علينا أن نفرق
بين دور النائب الرقابي والتشريعي المسموح به دستوريا، وبين تعمد إشعال المعارك وقدح
الأجواء، ولكل حالة هنا شروطها ومواصفاتها.
كتلة الإسلاميين كبيرة، وقد واجه
الإسلاميون العواصف بعد فوزهم لاعتبارات التحسس والمفاجأة لدرجة اننا سمعنا من
يقول إن الإسلاميين لم يتوقعوا هكذا نتيجة أصلا، وكان سقف طموحهم وصول 17 نائبا،
فيما اوصلوا 31 نائبا، ويرى من يرى أن حرب غزة بالذات كانت تدير الحملة السياسية
للإسلاميين في الأردن، وتركت أثرا قويا لصالحهم، وأيضا بيننا من يعتقد أن ضعف بقية
الأحزاب وبرامجها وطريقة تشكيلها دفعت الناخبين نحو الإسلاميين، باعتبارهم البديل
الموثوق، وعلينا أن نتخيل فقط لو كان عدد مرشحي الإسلاميين أكبر، ولو كان عدد
المصوتين في الانتخابات أكبر ايضا، لكانت النتائج بالتأكيد أكثر مما رأينا حاليا.
الهمس غير المعلن يناقش نتيجة
الإسلاميين في البرلمان، ويحاول تحديد مسؤولية "الوصول الكبير"، واذا ما
كان خطأ الدولة سياسيا هنا في قانون الانتخاب، أم في التقديرات التي خفضت من
التوقعات بشأنهم، أم في أن هذا هو حقهم ما دامت الانتخابات جرت بشكل شفاف ودون
تأثير سلبي، أو تغيير، أو تدخل، وسنرى ارتداد هذه التقييمات على قانون الانتخاب
ونظامه قبيل عقد الانتخابات النيابية المقبلة.
هذا يأخذنا إلى السؤال المفرود مطلع
النص، أي علاقة الإسلاميين بالحكومة وهنا يقال بشكل واضح، أننا لن نشهد تصعيدا
انتحاريا من الإسلاميين حتى برغم حديث خصوم الإسلاميين عن أسماء محددة ستتولى
إثارة الأجواء تحت القبة، كما أن الحملات المبكرة ضد الإسلاميين بسبب أي خطأ حدث
خلال الفترة الماضية، اثبت وجود حالة ترصد وتوظيف لهذه الأخطاء، واستثمار محموم من
أجل دفع الإسلاميين نحو الزاوية، خصوصا، بعد حادثة الحدود، بما سيدفع الإسلاميين
إلى استيعاب المشهد، وليس الدخول في رد فعل، وقد رأينا جميعا طريقة تحديد رئاسة
البرلمان، وما تعنيه القصة من دلالات تؤشر على تحشيد مقابل الإسلاميين.
لكن هذا لا يعني تبني الإسلاميين
لسياسة" الحيط الحيط ويارب الستر" كما يقال بالعامية، لاننا سنرى إيضا
تحالفا غير موقع بالأحرف الأولى، بين النواب الإسلاميين وغيرهم من نواب ازاء
القضايا الخدماتية والمالية والمتعلقة بمطالب الدوائر، وما يتعلق بكل الملف
الاقتصادي، والقضايا المعيشية هنا سيتم التركيز عليها على الأغلب، وسنجد إحراجات
كبرى تتنزل على النواب من خارج الإسلاميين حين يرون نوابا من الإسلاميين من ذات
مناطقهم ودوائرهم يثيرون قضايا لصالح الناس في تلك المنطقة، وعندها سيكون صعبا
عليهم الميل إلى التهدئة من باب مناكفة الإسلاميين، فيما هم يخسرون في مناطقهم،
وهكذا سنكون أمام إكراهات المواقف والمقارنات، خصوصا، أن هذه القضايا ذات أولوية.
هذا يأتينا باستخلاص أساسي، سنراه في
البرلمان، أي توقع حدوث إثارات قانونية ودستورية، وممارسة لدور الرقابة والتشريع،
دون أن نكون أمام مناكفة إسلامية موجهة للحكومة، وسوف تستدرج معها نوابا غير
إسلاميين، خصوصا، وأن كتلة الإسلاميين تمثل اجتماعيا أغلب مناطق الأردن، وهذا
المناخ الضاغط سيكون معديا، بما يعني أن مهمة ضبط الإيقاع داخل البرلمان، ستكون
صعبة قليلا، ولن تكون مستحيلة بطبيعة الحال.
يعتزم الإسلاميون الدخول إلى الجلسات
واللجان بطريقة هادئة، ليس تجنبا للاتهامات، بل لمنح الكل فرصة التوافق، برغم
المؤشرات ضدهم، فيما المؤكد أن الملفات الاقتصادية والمعيشية للأردنيين، ستكون
عنوانا ساخنا تتم إثارته، إضافة إلى بقية العناوين السياسية.
علاقة الإسلاميين بالحكومة لن تكون
عدائية، لكنها لن تكون سمنا على عسل، أيضا.
عن الغد