عندما تنفرد قنوات عربية بتخصيص برامج،
وحلقات نقاش حول حديث سمو ولي العهد لقناة العربية، فهذا يعني أنَّ ثمَّة مرحلة
جديدة تغوص في عمق المهام التي أوكلها جلالة الملك لعضده الأمين؛ بل أنَّ حالة الذُّهول
والإعجاب التي رافقت التعليقات والتحليلات حول مضامين المقابلة تؤكد أنَّ الأمير
الهاشمي قد جمع بين التَّأهيل المتقن، وموهبة الإبداع في اختطاف الرضى والقناعة من
سامعيه ومتابعيه في الوطن وخارجه.
شعبٌ واعٍ ومؤسسات قوية، وقيادة واعية تسبق الزَّمن في قراءة
المستقبل؛ عبارات شرع بها ولي العهد حديثه النَّاجز المتقن الذي يختصر به كل
المخاوف، وبواعث القلق، وأنَّ القول بأن الانفعال لا يمكن أن يؤثر في قراراتنا يشي
بأن مدرسة الهاشميين تشكّل رواية واثقة، وقراءة واعية لكل التَّحديات والمهام
الداخلية منها والخارجية. بل انَّ الإبداع الهاشمي تجلّى عند القول بأن المهم في
قراءة مضامين اليوبيل الفضّي يكمن في الإجابة على السؤال إلى أين سنصل في ربع
القرن القادم؟ وماذا سنفعل؟.
منظومة الأمن الوطني الشامل،
والاعتدال، والتعليم التقني، والمنطلقات القومية للدولة الأردنية، والتَّكامل
العربي الواقعي بعيداً عن رومانسية الحلم المشروع، ووقف الحرب الهمجية على الأشقاء
في غزة والضفة الغربية كلها عناوين مهمة
وحيوية ومسلّحة بالثِّقة والحماس الرَّزين، ولعل إدراك سموه لمخاطر السَّياسة
الإسرائيلية لجرِّ المنطقة إلى حرب إقليمية وتحديات الأمن الوطني تجسّد خطورة
الظَّرف وحجم الحرص.
حدثني رفيق الدرب المرحوم العين جمال
باشا الشوابكة والذي عمل قائداً للعمليات الخاصة بتفاصيل دقيقة عن شغف سموه منذ
الصغر بالقوات المسلحة، وحرص جلالة الملك على إعداد الأمير الحسين، وتأهيله لتلك
المهام، ويرافق ذلك انضباط متقن في التربية الأسرية الدقيقة والمتابعة الأكاديمية
بإشراف مباشر ودائم من جلالة الملكة، وبقواعد تحاكي سلوك الأسرة الأردنية بالبساطة
والابتعاد عن التَّرف، وهذا ما جعل سموه بخلقه الهاشمي الفذّ أيقونة باسقة في
ضمائر الأردنيين.
الحديث الشامل المتقن لسمو ولي العهد
في تحقيق أواصر التَّعاون العربي وخاصة مع الشقيقة المملكة العربية السعودية،
ووصفها بالعلاقة التاريخية؛ يعبر عن إدراك حصيف لحرص الأردن على عمقه العربي،
وضرورات التَّكامل والتَّنسيق في كافة المجالات السِّياسية والإقتصادية، ويُشرِّع
الأبواب لمزيد من العمل العربي المشترك القائم على العلاقة الأخوية المميزة مع
كافة الأشقاء.
بوح الحسين قرّة عين القائد الصادق
العفوي بوعي يكرّس أخلاق الهاشميين ومن تربى في مدرستهم الكبيرة التي تُجسّد
الصِّدق والنُّبل والاعتدال والإنجاز، وتأنف الزَّيف والوقيعة والنَّميمة والكذب،
ولعل حديث جلالة مليكنا في حفل زواج سموه عندما قال: "أنا فخور بالحسين؛
بعزيمته وطموحه الكبير لبلده، وبمحبته وتفانيه لأهله" يعزز تلك التوأمة
الخالدة بين الأردنيين والهاشميين.
حفظ الله قائدنا وملهمنا جلالة الملك
وولي عهده الأمين وجلالة الملكة أم الحسين التي ربّت فأحسنت، وأعدت فأتقنت، وحفظ
الله وطننا الحبيب وشعبنا الأصيل من كل سوء، اللهم آمين.