بقلم: أ.د. محمد ماجد الدَّخيّل
وزارة الاتصال الحكومي هي إحدى نِتاجات
تحديث المنظومة الإدارية أو تطوير القطاع العام أو الإداري ، وصدر نظام التنظيم
الاداري لوزارة الاتصال الحكومي رقم 65 لسنة 2022 ، وقد حدد النظام الأساسي مهام
الوزارة وصلاحياتها وامتداداتها ومساحاتها ،حيث أناط بالوزارة مهمة وضع سياسة عامة
للإعلام والاتصال الحكومي الرسمي ترتكز على جملة من المبادئ تشمل الالتزام بنصوص
الدستور الأردني؛ ضماناً لحرية التعبير الشعبي عن الرأي من جهة ، وتعزيزاً للنهج
الديمقراطي والتعددية السياسية من جهة ثانية ، وتعزيز دور الإعلام الوطني في
الدفاع عن المصالح العليا للدولة من جهة ثالثة ،والتمسك بالقيم الأصيلة للمجتمع
الأردني من جهة رابعة .
ومن أهدافها الجوهرية والأكثر حاجة
لتنفيذها اليوم وسط التظاهر الشعبي ، وعدم وضوح الرؤية لدى بعض المتظاهرين، وإغلاق
الطرق على المتشككين : هو إطلاعهم على سياسات الحكومة وخططها وبرامجها وتوجهاتها،
وتشجيع إبداء الرأي والحوار الهادف بشأنها، وكذلك التصدي للشائعات والفبركات
والزيف والتشويش وخطاب الكراهية والتحريض الخارجي وانتهاك حرمة الحياة الخاصة،
وممتلكات الوطن والمواطنين ومصالحهم ،ونقل صورة إيجابية عن المملكة للخارج
بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ولكن ماهي الإجراءات المناسبة التي من
الضروري بمكان اتخذها من قبل الدور الاتصالي والتواصلي والتفاعلي الرسمي مع بعض
الأشخاص المتظاهرين أو الجهات المنظمة للتظاهر السلمي لحماية المجتمع الأردني من
محتوى سلبي -لا سمح الله -أو من تدابير وخطط معينة لا تسير ونهج التظاهر وحرية
الرأي والتعبير سيراً صحياً و دستورياً ؟
برأيي ، أن الدور الإعلامي الرسمي مهم
، حينما يقوم على ثنائية التواصل والتفاعل الميداني أي في ميدان التظاهر الحالي في
ضاحية الرابية بعمان الغربية ،الداعي أصلاً إلى شجب واستنكار العدوان على أشقائنا
في قطاع غزة في شهره السادس الميلادي ، وهذا الدور الذي أقصده هنا بالتحديد هو
حماية المجتمع من أي خطاب دال على الكراهية والتحريض والأجندات الخارجية والعنف من
خلال الهتافات والبيانات التي تتعدد مشاربها وإديولوحيتها ومزاجها الفلسفي ومهادها
الغريب على مجتمعنا عبر فريق الوزارة المنوط به التوجيه والإرشاد الإعلامي في ساحة
التظاهر من جهة ، وتوعية جمهور التظاهر من عدم التصادم والصدام والتدافع والتلاسن
والزَلات والانجرار وراء خيوط الوهم وضروب الخيال والشطحات والغضب والصراخ
والاقتراب والاحتكاك والاستفزاز والاعتداء على مصالح سكان الضاحية والوطن برمته
بالحوار والتفاهم معهم ،وإظهار دور حماة الوطن ودرعه الحصين وهم أجهزتنا الأمنية
الذين يحمونهم ويحافظون على أمنهم وسلامتهم من جهة ثانية، وهذا لا يتأتى إلا عبر
فريق متخصص ببث المعلومات الإعلامية التوعوية الدقيقة عن وقفة الوطن مع الأشقاء في
غزة كالموقف الرسمي المعلن منذ بداية العدوان البغيض المتمثل بجهود جلالة الملك
ومواقفه وعلاقاته مع العالم المستمرة والداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة،و
في وقف هذا العدوان الفاقد لوعيه فوراً والضغط الأردني المستمر في وقف دائم للحرب
على غزة وفتح ممرات آمنة لإرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والدوائية
والإنزالات الأردنية والأردنية المشتركة مع الدول الغربية .
وأقترح على الفريق الفني في وزارة
الاتصال الحكومي إذا تم تشكيله ما يأتي:
١- اقامة خيمة حوار بين ما هو إعلامي
رسمي ومتظاهر شعبي ومحاكاة النموذج العربي والغربي في طرق التظاهر والتعاطف، ومكان
هذه الخيمة هو مكان التظاهر وحده.
٢- عقد ملتقى إعلامي رسمي يحضره كل من
يتواجد من متظاهر حزبي ومتظاهر نيابي برلماني على أرض ميدان التظاهر.
٣-الاتفاق على مدة هذا التظاهر السلمي.
لماذا لا تتبع الجهات الرسمية منهجية
لقاء بعض المتظاهرين المستقلين من جهة، والمتظاهرين من ذوي الانتماءات السياسية
والحزبية من جهة أخرى ، كما يتم -عادةً -لقاء وفداً من المعتصمين أمام الوزرات
والمؤسسات الحكومية من قبل الجهات الحكومية المعنية نفسها .
ومما لاحظته أن ضباط وضباط صف الأمن
العام فوق مهامهم الأمنية وحماية المتظاهرين وانسياب حركة السير في ضاحية الرابية
مثلاً يقومون بالدور الإعلامي والتوعوي خصوصاً مع اصطحاب بعض المتظاهرين من رجال
ونساء لأطفالهم الصغار من بعد وقت صلاة التراويح ولساعات متأخرة من الليل.
لو فعلتها وزارة الاتصال الحكومي في
الميدان كجزء من مهامها وفلسفتها، ربما تغير حال الخطابات والهتافات ومضامينها
واتجاهاتها ومساراتها ومستهدفاتها ومستقبلها؛ ولتحوّلت إلى تظاهرة أكثر إيجابية
تقوم بالتعبير القانوني عن مطالبها كما يحدث في التظاهرات الشعبية في الغرب، وهي
تعبر عن رأيها ومواقفها تجاه هذا العدوان البغيض بكل انضباط والتزام ولمدة زمنية
محدودة، تكون قد أدت ما عليها وأوصلت مطالبها ورسائلها.
وأخيراً، لا نريد للفجور الاجتماعي
والسياسي أي وجود بين أبناء الشعب الواحد حفاظاً على وحدتنا الوطنية المقدّسة التي
أرادها جلالة الملك، وحفاظاً على هويتنا الوطنية لأنني على يقين تام بأن شعبنا
الأردني يتمتع بالوعي والفهم والقدرة على مواجهة نوايا بعض التيارات الفكرية ومراميها
وارتباطاتها وأبعادها.
عزيزي القارئ لا آمل من هذه الأُمنية
والمناشدة إلا لكي يبقى الأردن وقيادته وشعبه أقوياء كي تبقى فلسطين قوية أمام
العاديات والمخططات التي لا نُحب.
حفظ الله الوطن وقيادته المظفرة وشعبه.