بقلم:
المحامي معتصم بن طريف
في غضون
قراءة المشهد العسكري لمعركة طوفان الأقصى والاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية المتبعة في هذه المعركة ،فإننا كاعسكرين
ومحليلين لمجريات المعركة على الأرض من النواحي التعبوية نرى ان الاستراتيجية الإسرائيلية في أدارة هذه المعركة ثبت فشلها بالرغم مما
تمتلكه القوات الصهيونية من عدة وعتاد والدعم الامريكي والاوروبي الامحدود للصهيانه .
وما اود
الاشارة اليه في هذا الصدد ان
النمط السائد في المواجهات القتالية العسكرية مع الجيش الصهيوني تدار بين
تنظيمات لادولتية مثل (حماس وغيرها من الاحزاب المقاومة) تكون فيهاالحرب محدودة
واللامتناظرة ، كانت نتائج هذه المعارك هزيمة القوات
الصهيونية واظهار مدى هشاشتها وسهولة
هزيمتها ، مما جعل الاعتقاد السائد لدى قيادات جيش الصهيانة بأن نظريات الحرب والعقائد القتالية التي استخدمت
منذ عقود لم تعد ملائمة للوضع العسكري الجديد، وعلى ضوء ذلك تبنى جيش الصهيانة
عقيدة قتالية أطلق عليها اسم "عقيدة الضاحية". ويوضح هذه العقيدة
الجنرال آيزنكوت – رئيس اركان جيش الصهيانة -السابق هذه العقيدة هي على النحو التالي:
1.
مواجهة المقاومة الفلسطينة بقوة
عسكرية غير متكافئة .
2.
القصف المدفعي والجوي والتسبب بضرر ودمار شامل .
3.
ضرب مكونات القدرة العسكرية لحركة المقاومة حماس .
4.
ضرب المصالح الاقتصادية وجميع مراكز القوة المدنية
التي تستند إليها حركة المقاومه حماس في
قطاع غزة .
5.
ضرب البنى التحتية في قطاع غزة .
و قد شنت القوات
الصهيونية عدة حروب على قطاع غزة وهي :
1.
عملية "الرصاص
المصهور" (أواخر سنة -2008أوائل سنة 2009)
2.
عملية
"عمودالسحاب" (2012).
3.
عملية "الجرف الصامد" (2014).
4.
عملية سيف القدس عام (2021).
وبرزت في إطار هذه الحروب ثلاث استراتيجيات
عسكرية وامنية ذات صلة بالعقيدة القتالية الاسرائلية التي تبنتها هذه القوات بعد
حروبها مع المقاومة الفلسطنية واللبنانية وهي: "كيّ الوعي"؛ "جز
العشب"؛ "برتكول هانيبال".
1.
استراتيجية "كي الوعي" وكان أول من استخدم هذه الاستراتيجية رئيس أركان الجيش
الإسرائيلي السابق الجنرال موشيه يعالون، وهذه
الاستراتيجية تشير إلى استخدام القوة
الطاغية في الانتقام الشرس من قوى المقاومة، تنفيذ سياسات العقاب الجماعي ضد
المدنيين، وسفك الدماء وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها، وإعادة الحياة قرونا إلى
الوراء.ومن مضامين هذه الاستراتيجية أيضا استخدام سياسة الحصار
والإذلال، والقضاء على مصادر الرزق، ومنع حرية الحركة ومنع الخدمات الصحية، وشن
عمليات الاعتقال والتعذيب، في محاولة من جيش الاحتلال لهزيمة الشعب الفلسطيني نفسيا وإشعارهم بالعجز ليستسلموا
للأمر الواقع.
2.
أستراتيجية جز العشب . وهي استراتيجية إسرائيلية تم استخدامها ضد المقاومين الفلسطينيين في قطاع غزة ،وتشمل استراتيجية الاستنزاف العسكرية الصبورة ذات الأهداف
المحدودة منها : تقليل قدرة خصوم إسرائيل على إلحاق الأذى بها ، تحقيق
ردع مؤقت - وكلاهما يتم تحقيقه من خلال عمليات واسعة النطاق من حين لآخر. ويأمل
من يتبنون هذه الاستراتيجية أن تؤدي هذه
الاستراتيجة الى الإنجاز المتكرر لهذه الأهداف المحدودة، بمرور الوقت، وإلى استنزاف
دوافع مقاتلي المقاومة لإيذاء إسرائيل، وفي نهاية المطاف تؤدي هذه الاستراتيجة إلى
تلاشي الحركة واختفائها. ويتم تنفيذ أستراتيجية جز العشب عادة من خلال
إجراء عمليات عسكرية قصيرة وقوية للحفاظ على مستوى معين من السيطرة على المنطقة دون الالتزام بحل سياسي طويل الأمد، وهذه الاستراتيجية
تستهدف المسلحين الفلسطينيين في قطاع غزة
وإمداداتهم من الأسلحة البسيطة محلية الصنع ولكنها فعالة في نفس الوقت وذلك مثل
الأعشاب الضارة التي يجب قطعها.وهذا ما أشار إليه نفتالي بنت في خطاب ألقاه في عام
2018 عندما قال "من لا يجز
العشب يجزه".
3.
بروتوكول “هانيبال”. وفي واحد من أغرب القوانين العسكرية في العالم وأكثرها إثارة للجدل تتجه
إسرائيل هذه الأيام في حربها مع حماس إلى تطبيق بروتوكول فريد من نوعه لا يوجد له
مثيل حتى لو بحثنا في جيوش الأرض كلها، إنه بروتوكول “هانيبال” الذي يمتلكه
ويستأثر بتفعيله الكيان الصهيوني وخلاصته” سنقتل جنودنا. وهانيبال هو الاسم الكودي لتوجيه عسكري تطبقه
قوات جيش الدفاع الإسرائيلي ويتعلق بكيفية رد الوحدات الميدانية عندما يؤسر جندي من قبل
قوات معادية. يسمح هذا التوجيه باستخدام الأسلحة الثقيلة في حالة أسر أي جندي إسرائيلي لمنع الآسرين من
مغادرة موقع الحدث؛ ويمكن استخدام الأسلحة الثقيلة حتى لو شكل ذلك خطرًا على حياة
الجنود المخطوفين. وكانت
أول صياغة لهذا التوجيه في عام 1986 من قبل الجنرال أوري أور وغابي أشكنازي وقائد المنطقة الشمالية عمرام ليفين والجنرال
احتياط يعقوف عامي وذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش غادي أيزنكوت ألغى هذا التوجيه العسكري في يونيو 2016.
وقد طبق هذا البرتكول في العمليات العسكرية كان
في الأول من أغسطس، 2014، خلال الحرب على غزة، عندما اعتُقد أن الملازم هدار
غولدين وقع في الأسر في رفح، جنوبي قطاع غزة. الجيش الإسرائيلي حدد بأن غولدين
قُتل خلال المعارك، ويُعتقد أن حركة حماس تحتجز رفاته في قطاع غزة.
وأخيرا ما يجب الإشارة إليه إلى أن هذا الأستراتجية
العسكرية للجيش الاحتلال الإسرائيلي العسكري
لا تحترم مبدأين أساسيين في القانون الدولي، وهما استخدام القوة المتكافئة ضد
التهديدات والتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية