بقلم: طلال أبو غزاله
تشير التقارير الأخيرة الصادرة عن كل
من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي إلى أن اقتصادات العالم تواجه توقعات قاتمة
هذا العام (2023)، اذ تشير عدة عوامل إلى ركود طويل الأمد، بما في ذلك انخفاض
النمو والمؤسسات المالية الهشة.
وفقًا لتحديث آفاق الاقتصاد العالمي
الصادر عن صندوق النقد الدولي لشهر إبريل 2023، من المتوقع أن ينخفض نمو الناتج
العالمي من 3.4٪ في العام 2022 إلى 2.8٪ في العام 2023. ويشير التقرير إلى أن
تقييد السياسات النقدية، والتوترات الجيوسياسية، والاضطرابات التجارية، ومواطن
الضعف المالي باعتبارها بعض المخاطر الرئيسية قد تؤثر على عملية التعافي. أما
تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية الصادر عن البنك الدولي في يناير 2023 فقد توقع
تباطؤا في النمو العالمي إلى 2.9٪ في العام 2023، وذلك يمثل انخفاضًا من 3.1٪ في
العام 2022. وسلط التقرير الضوء على التحديات التي يفرضها ارتفاع مستويات الديون،
وانخفاض نمو الإنتاجية، والتدهور البيئي.
أحد العوامل الرئيسية وراء هذا التباطؤ
هو تأثير التقييد النقدي في النظام المالي العالمي. ففي العام 2022، رفعت العديد
من البنوك المركزية، وخاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، أسعار الفائدة للحد من
التضخم والحفاظ على استقرار عملاتها. ولكن، أدى هذا أيضًا إلى انفجار العديد من
فقاعات الأصول التي تضخمت بسبب سنوات من تراكم الأموال الرخيصة والتيسير الكمي.
ونتيجة لذلك، يواجه العديد من المقترضين والمؤسسات المالية صدمة في أسعار الفائدة
أدت إلى زيادة أعباء ديونها وخفض أرباحها.
وهذا مشابه لما حدث قبل الكساد الكبير
الذي بدأ في العام 1929، حيث خفف الاحتياطي الفيدرالي معايير الائتمان وخفض أسعار
الفائدة التي أدت إلى زيادة الديون والمضاربات. وبحلول العام 1929، ظهرت علامات
الخطر وبدأ المستثمرون في صرف مستحقاتهم، مما أدى إلى واحدة من أطول وأعمق فترات
الكساد في التاريخ، التي نشأت في الولايات المتحدة، ولكنها أثرت على كل دول
العالم.
وهناك عامل آخر اليوم وهو تجزئة النظام
المالي العالمي بسبب التوترات الجيوسياسية وتراجع العولمة. فقد أدت جائحة كوفيد
والحرب في أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين إلى تعطيل التجارة
العالمية وسلاسل التوريد والتعاون. وإذا لم تتعاون أكبر اقتصادات العالم على تحقيق
الاستقرار المالي لاقتصاداتها، فقد يؤدي ذلك إلى ركود ومزيد من الديون والأزمات
المالية التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الركود التضخمي الاقتصادي.
ومن موقعي السابق في "فريق منظمة
التجارة العالمية المعني بتحديد مستقبل التجارة"، أضيف أنني كنت أتوقع ما
وصلت اليه الأمور ودعوت إلى مزيد من التنسيق المتعدد الأطراف بشأن السياسات
المالية والنقدية اللازمة لإنعاش الاقتصاد العالمي وذلك لتجنب مزيد من التدهور في
هذا الوضع.