أن فلسفة اقرار العقوبة وكيفية تنفيذها
ارتبطت ارتباطا وثيقا بوجود الجريمة، و مع تفاوت ألازمان تطورت القوانين الناظمة
للمجتمعات ووضعت قوانين للعقوبات تضبط أمنها المجتمعي، وتنوعات الفلسفات العقابية
وتعددت مدارسها ومصادرها فمنها ما تم سنها من رب العزة بالكتب والشرائع السماوية
المختلفة، ومنها ما تم تشريعه بشريا على مستوى المجتمع في المدينة أو القبلية أو
العشيرة، حتى مجتمع الغاب سنت له قوانين وعقوبات تتناسب وجاسمة الفعل المجرم،
وشرعت هذه القوانين عبر الازمنة والعصور بما يتناسب مع بيئة كل مجتمع والمرحلة
التي عاشوا فيها.
ومن هذه العقوبات الدينية وهي ما تم
سنها بالديانة الإسلامية والشرائع المسيحية واليهودية وهي على النحو التالي :
1. العقوبات في الدين الإسلامي : وتقع على
نوعين عقوبات (الحدود والتعزير)
2. العقوبات في الشريعة المسيحية فهي عقوبات
(حدود) تم سنها في الكتاب المقدس ومنها ما تقع على النفس وعلى المال
3. العقوبات في الشريعة اليهودية تقع أيضا ضمن
عقوبات (الحدود).
وعليه فإننا نرى أن العقوبات في
الشريعة المسيحية واليهودية هي محددة بالكتاب المقدس حسب الجرائم المرتكبة ولا
يجوز التوسع فيها وهي حدود ثابتة.
و أما العقوبات في الديانة الإسلامية
فهي عقوبات حدود معروفة شرعت من أجل حفظ الدين، والنفس، والعِرض، والعقل، والمال.
ومن اجل أن يحل الأمن والطمأنينة في المجتمع الإسلامي شرعت عقوبات (تعزيرية) زاجرة
ولهذه العقوبات حدود وضوابط قد لا يثبت بعضها فهي قد تتحول من عقوبة محددة إلى
عقوبة غير محددة يتم تحديدها من قبل الأمام – سلطة تقديرية – يتم تقديرها بما
يتناسب هو والمصلحة ودرءا المفسدة وتحقق الغاية المقصودة من العقوبة وهي (الردع
العام والخاص) بمفهومنا الحديث للعقوبة.
وبعد هذه المقدمة عن العقوبات بشكل
عاما فان تنفيذ العقوبات في العصر الحديث اصبح يشكل عبئا كبيرا على الدول ويرهق
الموازاتان في كثيرا من أحيان ولا يحقق الغاية من تنفيذ العقوبة في الردع وعدم
العودة إلى الجريمة –ولنا في الإحصاءات – الدالة على العود إلى الجريمة ما نسبته
في المملكة الأردنية الهاشمية(40%) .
ومع أن من واجب أي حكومة هو العمل على
حل الأزمات لا ترحيلها، فأن ما تتذرع به حومتنا الحالية من أسباب تمديدا مر الدفاع،
وهو مشكلة أكتظاظ السجون والعبء المالي من تكلفة السجناء على الدولة؟ وادا اردنا
أن نحل هذه المشكلة فأننا يجب أن ننظر إلى اصل المسألة في الاكتظاظ !! هل هي في
القانون؟ أم في طريقة تنفيذ العقوبة؟ وعليه فإن مشكلة الاكتظاظ في السجون الأردنية
هي مشكلة مستمرة ولا زالت على الرغْم من وجود أوامر دفاع من عدمها. ولتخفيف من
الاكتظاظ و في السجون وفي تنفيذ العقوبة لتحقيق الغابة من مقصدها في الردع العام
والخاص لابد من البحث عن التطور في تنفيذ العقوبة ومن الاتجاهات الحديثة في تنفيذ
العقوبة هي (العقوبات البديلة) بحيث يعد العمل لخدمةّ المجتمع أو العمل للنفع
العام من اهم واحدث الأساليب لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية التي لجأت أليه معظم
دول العالم، فهذا الأسلوب يجنب المحكوم عليه وصمة العار الذي تلحق به عند تنفيذه
للعقوبة السالبة للحرية التي عقوباتها قصيرة المدة، كما أنها تبقي المحكوم داخل
مجتمعه وأسرته التي يعيش فيهما وكما توفر تطبيق العقوبة البديلة على موازنة الدولة
الكثير من النفقات بل ويمكن أن يكون لها عائدا اقتصاديا على الدولة إذا استغل
تطبيق هذه العقوبة بشكل علمي ومدروس وكما أنها يمكن أن تسهم في الحد من البطالة
التي قد تودي الى الجريمة بحيث تكسب بعض منفذيها مهنة يعتاش منها مستقبلا.
فقد واكب المشرع الأُرْدُنّيّ التطور
الملموس الذي طراء على العقوبات وجاء القانون رَقَم 27 لسنة 2017 المعدل للقانون
العقوبات ليضيف بدائل أصلاح مجتمعية في نص المادة 25 مكرر وقد جاءت المادة أعلاه لتوضح
هذه البدائل بثلاث بدائل وهي:
1. الخدمة المجتمعية
2. المراقبة المجتمعية
3. المراقبة المجتمعية المشروطة
فالخدمة المجتمعية من وجهة نظر المشرع
الأُرْدُنّيّ ذكرها في المادة أعلاه بأن الخدمة المجتمعية هي الزام المحكوم عليه
القيام بعمل غير مدفوع الأخر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة
ولا تزيد عن 200 ساعة على أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد عن سنة.
فقد أشار المشرع الأُرْدُنّيّ في
المادة 25 من قانون العقوبات الأُرْدُنّيّ الى أن هذه العقوبة يجب أن تصدر عن جهة
قضائية مخولة بإصدار هذه العقوبة، وتطبيق هذه العقوبة يحقق الغاية من العقوبة في
الإيلام وهو جوهرها فعقوبة الخدمة المجتمعية تمس بحق المحكوم عليه في التمتع
بحريته حيث يلزم بالعمل مدة معينة وبمؤسسات معينة ولا يجوز له مخالفة شروط هذا
العمل.
ألا أن المشرع الأُرْدُنّيّ ربط تنفيذ
هذه العقوبة بأجراء وقف التنفيذ المشار أليها في المادة (54) مكرره و(54) مكررة
ثانية، وذكر المشرع في المادة أغلاه وأشترط لتطبيق عقوبة الخدمة المجتمعية موافقة
المحكوم عليه كبديل أصلاح مجتمعي.
وعليه فان المشرع الأُرْدُنّيّ قد
تناقض مع نفسه في نفس القانون بين المادتين (25) والمادة (54) أذا كيف يعقل أن
يُخير المحكوم عليه باختيار عقوبته وموافقته على اختيار نوع العقوبة مع العلم بان
القانون قد افرد العقوبة المجتمعية في باب العقوبات وابتعد المشرع عن الفلسفة من
العقوبة وهي الإجبار. وعلى الرغم مما تعرض له هذا النص من النقد خاصة وانه لا
يساوي بين المتهمين فأدأ ما نفذ احد المتهمين عملا ما ورفض المتهم الأخر تنفيذ هذا
العمل فإن ذلك عدّ ماسا شديد الْخَطَر للعدالة.
وما يميز القانون الأُرْدُنّيّ في
تطبيق عقوبة الخدمة المجتمعية أنها لا تميز بين البالغين او الأحداث او بين الذكور
والإناث او بين المواطنين او غير المواطنين فهي تطبق على الجميع حيث نصت المادة 24
من قانون الأخذات الأُرْدُنّيّ رَقَم 32 لسنة 2014 اجأر الزأم الحدث (الفتى الذي
أتم خمس عشرة سنة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره أو المراهق الذي أتم اثنتي عشرة
سنة ولم يتم الخامسة عشرة من عمره) بالخدمة للمنفعة العامة في احد المرافق العامة.
والمشرع الأُرْدُنّيّ ترك آلية تنفيذ
عقوبة الخدمة المجتمعية إلى النيابة العامة باعتبارها الجهة المختصة في تنفيذ
الأحكام الجزائية، إلا انه يجب على المشرع الأُرْدُنّيّ أن يحدد آلية تنفيذ عقوبة
الخدمة المجتمعية وضرورة وضع تعليمات أو قانون خاص يبين الجهات التي يجب العمل
فيها وطبيعة هذا العمل ويمكن الإشارة الى الألية بواسطة تعديل نص المادة 25 مكرر 3
من قانون العقوبات الأُرْدُنّيّ بحيث يقوم النائب العام بتحديد الجهات التي يتم
فيها تنفيذ عقوبة الخدمة المجتمعية، وعلى أن ترفع الجهة التي يتم تنفيذ الخدمة
المجتمعية فيها تقريراً مفصلاً عن أداء المحكوم عليه وسلوكه وانضباطه ومدى التزامه
بأداء الخدمة المكلف بها إلى النيابة العامة وإذا أخل المحكوم عليه بمقتضيات تنفيذ
الخدمة المجتمعية، فا للمحكمة بناء على طلب النيابة العامة أن تقرر تطبيق عقوبة
الحبس لمدة مماثلة لمدة الخدمة المجتمعية او إكمال ما تبقى منها، وللنيابة العامة
تأجيل تنفيذ الخدمة المجتمعية إذا كان لذلك مقتضى على أن يتم اتخاذ التدابير
الكفيلة بضمان هذا التنفيذ.
وعليه فإننا سنبقى أبناء هذا الوطن
الذي نحبه وننصح من اجله وعليه أتقدم للحكومة بحلول ربما تكون ناجعة، بالرغم ننا
تعودنه من أعضاء حكومتنا المتعاقبة لا يسمعون ألا لشخوصهم أو من يدور في فلكهم ولا
يقبلون النصح من احد حتى لو تقدم بهذه الحلول أصحاب الاختصاص .