جلس أَمير المُؤمِنين عمر بن عبد
العزيز مع الحسن البصريّ بعد ان تولى
الخلافة ، وقال له عمر مستفسرا : بمن أستعين على الحكم يا بصريّ؟،
قال: يا أمير المؤمنين، أما أهل الدنيا
فلا حاجة لك بهم، و أما أهل الدين فلا حاجة لهم بك ، فتعجب عمر بن عبد العزيز و
قال له: فبمن أستعين يا بصري ؟
قال: عليك بأهل الشرف، فإن شرفهم
يمنعهم عن الخيانة...
ما رأيت افصح ولا ابلغ من هذه الرسالة
والله انها واضحة جامعة كافية شافية ، لا لبس فيها ولا اعوجاج ، بامثال حسن البصري
تبنى الاوطان ويزدهر العمران ويعم الامن والعدالة والسلام ،
كم نحن بحاجة الى جيل من القادة الحقيقيين فضلوا
أن يُبرئوا ذمتهم امام الله ، وأن يعلنوا الحقَّ في غير خفاء أو لف ودوران ،
رجال يليق بهم الوصف وترفع
لهم القبعات يسيرون بكل تواضع وهدوء لخدمة وطنهم ، رجال استعارت منهم
الحياة شيم التواضع والحق والشموخ والقوة والعزة
والكرامة ،
رجال لا يركعون للباطل ولا يفرطون بحقوق ،لا
يلهثون خلف مال ولا منصب ولا يبيعون
أنفسهم لأغراض مبيته، فكل تعاملاتهم عزة وبناء وانجاز ..
من محاسن اهل الحق أنْهم جهروا
بالنُّصح واحتملوا الأذى، ولم يُحابوا أحدًا أو يداهنوه؛، ولقد تَمَّ لهم ما أرادوه لاوطانهم، وإقامة
الحجة في وضوح ونصاعة ،
ما احوجنا في هذا البلد الطيب ذكره, إلى قراءة هكذا وصية ، والوقوف عند سطورها والتمعن في حروفها المنطوقة حرفاً حرفاً, ما
أحوجنا الآن لوقفة مراجعة شاملة، عنوانها الوطن ثم الوطن ثم الوطن..
ما أحوجنا الآن، لساعات دَعَة بعيدا عن
عقارب الدوران العكسي التي اثقلت كاهل
الوطن والمواطن .. ما احوج من تسلم منصب لخدمة هذا الوطن ,ان يكون لنا قدوة ولوطنه
خادم وامين ،
لست مغرما في تصيّد العثرات، ولا مهتما بابتداع مفردات لا
تغني من الأمر الواقع شيئا، لكنني ابن تراب هذا الوطن ، فما هي الا الامنيات
المبعثرة بين كتب المخلصين ، هي نماذج يحسن أن يطلع عليها اهل القرار وصناعة
،عسى أن يَجِدُوا فيها قبسًا مُنِيرًا،
والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، فهذا الاردن وطن حر عزيز كريم معطاء لم يشهد زورا
يوما..و لكن شهدوا بالزور عليه...