عززت دولة قطر حضورها الرياضي في المحافل
الدولية بحصولها على حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم "مونديال قطر
2022"، التي تعد بدورها أكثر الأحداث الرياضية الدولية إثارةً وجماهيرية. وقد
تفوق الملف القطري المقدم لاستضافة البطولة على ملفات دولة أخرى تفوق قطر في
مساحاتها وعدد سكانها وإمكاناتها، فقد أُعلن في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر
2010 عن فوز دولة قطر بحق استضافة البطولة الرياضية العالمية الأولى في عام 2022
لتصبح قطر أول دولة عربية وإسلامية وأول دولة في منطقة الشرق الأوسط تنظم البطولة.
وعلى الرغم من كل التحديات التي واجهت دولة
قطر في تحقيق هذا الإنجاز الكبير، إلا أنها تمضي بقوةٍ نحو تنظيم البطولة متطلعةً
لتعاون الآخرين ومشاركتهم في هذا الحدث العربي المتميز، ومكتفيةً في الوقت ذاته
بجهود أبنائها وبناتها الذين توليهم قيادة الدولة ومؤسساتها اهتماماً منقطع النظير
في مجالات التعليم والتدريب والرعاية، وتنتظر منهم الكثير.
لقد مضت دولة قطر منذ سنوات في استكمال
المنشآت الخاصة بالبطولة إضافةً إلى العديد من مشروعات البنية التحتية اللازمة.
وقد اكتملت كل المشاريع ذات الصلة وغيرها أو شارفت على الاكتمال قبل موعد البطولة
المقرر في العشرين تشرين ثاني/ نوفمبر وحتى الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر
2022.
الجدير بالذكر أن بطولة كأس العالم لكرة
القدم "مونديال قطر 2022" ستكون الأولى التي تُقام في دولةٍ عربية وفي
منطقة الشرق الأوسط، وهي ثاني البطولات التي تُقام في قارّة آسيا بعد البطولة التي
أقيمت عام 2002 في كلٍ من اليابان وكوريا الجنوبية.
وهي أول بطولة كأس عالم لكرة القدم تُقام
في فصل الشتاء وهو في دولة قطر، فصلٌ معتدل الحرارة نسبياً وتكون فيه ظروف المُناخ
مثاليةً لإقامة المنافسات النهائية للبطولة، وسيكون لهذه البطولة مزايا فريدة من
حيث تقارب المسافات بين الاستادات الرياضية وسهولة التنقل بينها عبر شبكة مواصلاتٍ
متعددة الخيارات؛ مما سيعطي للجماهير فرصة متابعة أكثر من مباراة في اليوم الواحد. كما
أن مونديال قطر 2022 سيؤرخُ لأول مشاركةٍ لمنتخب دولة قطر في نهائيات كأس العالم.
كما التزمت دولة قطر في منشآتها أعلى
معايير الاستدامة وحماية البيئة واستغلال الموارد ورعاية الانسان، والتي تعد من
أولويات الدولة التي تضمنتها الرؤية الوطنية «قطر 2030» والمتمثلة في حماية البيئة
وتحقيق مبدأ الاستدامة في كافة المجالات؛ فتقنيات التبريد والتكييف والإضاءة والري
تعتمد في جزء كبير منها على الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير واستهلاك المياه
والنفايات. الجدير بالذكر أن استاد "974" المونديالي، سيكون قابلاً
للتفكيك بالكامل وإعادة التركيب؛ ولدى دولة قطر خطط وبرامج لنقل بعض الأجزاء من
الاستادات المونديالية ومرافقها إلى دولٍ في آسيا وإفريقيا لمساعدة شعوب تلك الدول
على التطور في مجال الرياضة، ولترك إرثٍ رياضي وإنساني مستدام.
وحالُ دولةِ قطر في النهوضِ بهذه المسؤولية
الإنسانية الكبيرة ومُضيها في إنجاز التحضيرات اللازمة للبطولة على الرغم من
التحديات وظروف الإقليم والعالم السياسية والاقتصادية والأمنية، تُذكرُ بتراثِ
الشاعر العربي الكبير أبي الطيّب المُتَنَبّي حين أبدعَ قائلاً:
"لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ
فَطِنٌ
لِمَا يَشُقُّ عَلى السّـاداتِ فَعّالُ
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ
كُلُّهُمُ؛
الجُــــودُ يُـفْـــقِرُ وَالإقـدامُ
قَـتـّالُ"
فبطولة كأس العالم لكرة القدم هي بالنسبة
للدولة التي تنظمها تمثل حالةً وطنيةً شاملةً، وحِراكاً متعدد الجوانب والأبعاد،
لا يقتصر على الجانب الإنشائي والتنظيمي فقط، بل يتعدى ذلك إلى الجوانب القانونية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والسياحية، ولا بد أن يُساهم كلٌ
بدوره في هذا الحِراك الوطني الشامل لدولة قطر وسعيها لحشد كل القدرات والإمكانات
لتحقيق الهدف الأسمى وهو نجاح تنظيم الحدث العالمي الكبير وتعريف العالم بإمكانات
دولة قطر والفرص المتاحة فيها وفي المنطقة العربية؛ تعزيراً لحضور دولة قطر في
العالم، وتسجيلاً لإنجازٍ سيبقى طويلاً في الذاكرة الانسانية.
* كلية القانون – جامعة قطر