يخطئ من يظن أن حزب الميثاق الوطني هو
تكرار تقليدي للتجارب الحزبية السابقة التي تمترست حول الأشخاص ونهجت أسلوباً
بدائياً في تبني برامج نظرية بعيداً عن واقع المجتمع وحاجاته، وسلكت أسلوب
المقايضة في المواقف بديلاً عن البرامج الواضحة التي تأسر الرأي العام. ويخطئ أكثر
من يعتقد أن النخب التي قادت مرحلة التأسيس والاستقطاب ستكرر التجربة مرة أخرى، وتدخل
النفق المظلم الذي أرهق الحياة السياسية والحزبية في العقود الثلاثة الأخيرة.
الميثاق الوطني تجربة مختلفة أريد لها
أن تقود تيار الوسط بديناميكية مختلفة، وبرامج استثنائية تقرأ بعمق متطلبات المستقبل، وتحرص-بقدر الإمكان- على نكران
الذات، وتقديم الشباب للمشاركة في صياغة البرامج وممارسة الحكم بما لا يأخذ
التجربة بعيداً عن العقلانية والوعي، والتمسك بالثوابت الوطنية الراسخة وفي
مقدمتها احترام الدستور، وشرعية الحكم، والهوية والديمقراطية وقبول الآخر، واحترام
حقوق الأقليات في الإسهام في مسيرة البناء الوطني.
يحاول البعض تشويه مسيرة الميثاق،
ويراهنون على فشل التجربة وبعضها ممنهج يستند إلى أسباب رغائبية، أو محاولات تكريس
النهج الفردي في العمل البرلماني، أو قد يكون السبب مماحكات فردية أو ربما اليأس
من إمكانية تجذير العمل الحزبي. والحقيقة أن محاولات مقارنة الميثاق الوطني
بمشاريع أحزاب جديدة تحت التأسيس هي محاولات؛ لزرع الفتنة في العمل السياسي، سيّما
وأن ساحات العمل الوطني مُشرعة وتتسع لكل التجارب الوطنية وفق قواعد التنافس
الجماهيري المشروع.
لا نزعم أن الميثاق الوطني تجربة فريدة
ومثالية ولكنها مشروع وطني صادق نحاول أن نغادر فيها مساحات الأنانية السياسية،
والقرارات الرغائبية إلى أفق العمل الوطني الملتزم الذي يرتقي إلى قواعد العمل
الحزبي الرشيد، وتطلعات جلالة الملك في الوصول إلى حكومات برامجية، حزبية، سياسية
تنتهج أسلوب العمل المنظم بعيداً عن الاجتهادات الفردية التي أثقلت كاهل الدولة
الأردنية وبرامج الاصلاح والتطوير فيها، وتنقل الوطن إلى مصاف الدول الديمقراطية
الحديثة.
وفي هذا الصدد، سيقدم الميثاق الوطني
رسالة وطنية مخلصة في تمكين الشباب والمرأة وتذكير الرأي العام بحقيقة مفادها أنه
ليس بالضرورة أن تتصدى النخب الفاعلة المؤسسة لقيادة الحزب بل يتوجب عليها تكريس
الرسالة الأخلاقية في دعم الشباب والشخصيات القادرة على المشاركة دون أن تكون
بالضرورة قد مارست أدوار الحكم في الحكومة والبرلمان، وارتداد تلك النخب التي قد
تثير قلق الجمهور إلى الصفوف الخلفية والمتوسطة وتقديم النصح والإرشاد من وراء
حجاب.
يجب أن نعترف بحاجة المشاريع الحزبية
الجديدة والقديمة إلى إصلاح ومراجعة دائمين سيّما في حالة الميثاق الوطني التي
تقدم نماذج جديدة للرأي العام، وذلك من خلال لجم الأنانية ومحاولات التمحور
والاصطفاف، أو تشكيل أجنحة بدعوى تفعيل العمل الحزبي أو التعاطي مع مؤسسات التمويل
الأجنبي ومراكز الدراسات التي تشوه ثوابت الالتزام الوطني من خلال مساءلة قاسية
وحازمة تكشف الزيف وترسّخ ضوابط الرصانة الحزبية.
حزب الميثاق الوطني الذي درس بعمق
توجهاته السياسية ومنطلقات برامجه الاقتصادية والفئة التي يستهدفها سيشرع في إعلان
كتلته النيابية في بداية الدورة العادية المقبلة، سيّما وأن المؤتمر التأسيسي
للحزب الذي سيلتئم في الأشهر المقبلة لانتخاب الأطر القيادية، وسيحدد ملامح
المرحلة القادمة في المشاركة، وضوابط الاجتهاد الحزبي وحدوده الفاصلة، وخطة الحزب
في الحوار مع أحزاب الوسط المنضبطة لدراسة مساحات الالتقاء في الاندماج او
الإئتلاف حسب واقع الحال.