بقلم: د. اسعد عبد الرحمن
ما زال الفشل الأخلاقي والقانوني
المزمن للأمم المتحدة يتواصل برفض المنظمة الدولية إدراج الدولة الصهيونية على
القائمة السوداء/ «قائمة العار» التي تضم منتهكي حقوق الأطفال في زمن النزاعات
المسلحة، وهي الخطوة الأولى لتحقيق المساءلة والعدالة للأطفال الفلسطينيين، فمنذ
العام 2002 أعلنت الأمم المتحدة «قائمة العار» والتي تعرف أيضا باسم «اللائحة
السوداء»، وتضم المنظمات والدول التي تنتهك حقوق الأطفال في مناطق النزاع بالعالم،
عبر لائحة تصدر في تقريرها السنوي الخاص بالأطفال والنزاعات المسلحة. فحرمان
الأطفال الفلسطينيين ?ن الحماية التي يحق لهم الحصول عليها بموجب القانون الدولي
في مواجهة الجرائم الإسرائيلية المتكررة يقابله تمتع الدولة الصهيونية بالإفلات
الكامل من العقاب، مما يشجعها على مواصلة جرائمها.
أحدث هذه التقارير، ما جاء في التقرير
السنوي للأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) بشأن «الأطفال والنزاعات
المسلحة لعام 2021»، والذي كشف أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسؤولية عن قتل 78
طفلا فلسطينيا وتشويه 982 آخرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 2021. وقد
حذر الأمين العام في التقرير من أنه في حال استمرت هذه الأرقام في عام 2022، فسيتم
إدراج «إسرائيل» في قائمة العار الملحقة بالتقرير المقبل، مع ملاحظة انتقاد
(غوتيريش) في التقرير بحدة وبشكل غير معهود «إسرائيل» بسبب اعتداءاتها المتكررة على
الأطفال?الفلسطينيين. ويغطي هذا التقرير الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال
الإسرائيلي العام المنصرم، بما في ذلك العدوان على قطاع غزة، والذي أدى إلى
استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين بينهم أطفال. وقد أقر (غوتيريش) وللمرة الأولى
«بوجود غياب ممنهج للمساءلة عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأطفال الفلسطينيين».
كما تناول التقرير أيضا قضية الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث
شدد غوتيريش على «ضرورة التزام إسرائيل بالمعايير الدولية فيما يخص اعتقال
الأطفال، وإنهاء الاعتقال الإداري وسوء المعاملة والتعنيف».
وفقا للولاية الممنوحة للأمين العام من
مجلس الأمن، فإن «إسرائيل» ارتكبت وما زالت ترتكب جرائم ضد الأطفال كافية لإدراجها
في القائمة السوداء، وهو ما لم يحدث أيضا هذا العام، مع أن دعم الأمم المتحدة
لحقوق أطفال فلسطين ليس واجبا سياسيا وقانونيا فقط، بل هو واجب أخلاقي لا يجوز
استثناء أطفال فلسطين منه.
من جانبها، قالت المسؤولة في منظمة
«هيومن رايتس ووتش» غير الحكومية (جو بيكر): «عدم إدراج الأمين العام القوات
الإسرائيلية المتهمة بقتل 78 طفلا فلسطينيا في عام 2021 وتشويه 982 آخرين على
«قائمة العار» هو فرصة أخرى ضائعة لمحاسبتها، في حين تم إدراج قوات أخرى أو جماعات
مسلحة ارتكبت انتهاكات أقل بكثير». في ذات السياق، أعربت منظمة «مراقبة الأطفال
والنزاع المسلح» غير الحكومية عن أسفها للرغبة في التقليل من مسؤولية «إسرائيل».
استهداف أطفال فلسطين سياسة ثابتة منذ
بدايات الاحتلال الإسرائيلي استمرت دون توقف طيلة العقود الطويلة الماضية، ورافقها
كثير من الانتهاكات الجسيمة والجرائم الفظيعة، بهدف تشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم
والتأثير على توجهاتهم المستقبلية بصورة سلبية وخلق جيل مهزوز ومهزوم. وخلال
السنوات الأخيرة تمادت سلطات الاحتلال في إمعانها وجرائمها بحق الأطفال
الفلسطينيين.
مواصلة جيش الاحتلال استهداف الأطفال
الفلسطينيين بشكل متعمد، تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني، وتعد
جريمة حرب. فالاحتلال ينظر إلى اغتيال واعتقال الطفل الفلسطيني كوسيلة لإرهاب جيل
كامل من التحدث علانية تمهيدا لسحق أرواحهم، بعد أن فشل رهانه على كسر إرادة
الأجيال الفلسطينية.