عندما يعزف المرء عن الكتابة في مناسبة
ما، اعلم انه وصل الى مرحلة من " الاصطهاج " الكاذب !
والمعنى المقصود من الاصطهاج هنا هو
" الزهزهة " المصطنعة التي تقنع النفس بأن امورك على ما يرام وهي في
الواقع غير ذلك .
كثيرًا ما تعوّضك أحلامك وانت نائمًا بتحقيق أُمنيات رسمتها في خيالك وخزنتها في وجدانك - كي يخفف عليك العقل الباطن وطأة الإهمال الذي طالك -
ولكن عند استيقاظك سرعان ما تصطدم بواقعك
المُر متكرر الأحداث والخيبات .
مسؤوليات جسام تحملها على عاتقك تبدأ
من السعي للعيش الكريم لك ولأسرتك " إن كنت رب اسرة " أو تجاه أهلك إن
كانوا على " قد الحال وعيشة أول بأول " ، مسؤوليات لا نهاية لها تتوالد فوق رأسك في كل مرحلة من سنوات عمرك
الذي تنهشه الأيام الثقال جزءاً جزءاً وتأكله فرصك الضائعة التي سطى أو يسطو عليها
مَن لا يستحق أو مَن كان له عزوةٌ تنصره وهي تعلم أنه ظالمٌ سرق حق غيره أو "
مدعومًا " حسب السائد عند ناس هذه الأيام .
تُعطي فوق طاقتك فيقال عنك تقوم بواجبك ! تُخلص
ثم تُخلص ثم تُخلص وتتفانى الى حد التلاشي فيقال لا تخشوه فهو مسكين جُل مطلبه
وغايته " السلّة بلا عنب !! وأكثر من هذا قد يُقال وعلى سبيل التهكم أنك
مضمون لم يُعرف عنك التمادي ولا
التذمر فأنت في الجيب لا يتذكرونك
باعتبارهم الأكثر إخلاصًا ووفاءً وانتماءً الّا عندما تمتد أياديهم الى جيوبهم
لإلتقاط منديل يمسحون به جباههم أو لقضاء حاجةٍ ِكتنظيف انوفهم أو غير ذلك من
أجزاء اجسادهم ! ساعتها أنت أمام احتمالين
لا ثالث لهما الأول وهو الغالب إعادتك الى الجيب ثانية مع المناديل المستعملة إن
لم يتخلصوا منها بعد قضاء الحاجة ، أو أن يضحكوا عليك بدعوة الى مناسبة لا يُدعى
اليها الّا مَن هم أمثالك ممن لا يتقنون التملّق والطاعة العمياء ، أو يتذكرونك
بإطراء ومديح يزيد من استسلامك لواقعك
وهبلك !
تمر عليك المناسبات والاحتفالات بشتى
صورها وأسمائها ولا يكون لك فيها نصيب - فأنت - وأمثالك - قابع في الجيب مأمون
الجانب - فقد " أفّلوا " نجمك عن قصد أو دون قصد فالأمر سيان تجاهك ما
داموا قد ركنوك على الهامش وفضلوا عليك الأتباع الصغار والأقزام الذين يتقنون
التسلّق والنفاق ولو على حساب السمعة والكرامة !
لا تبتئس فأنت دائمًا أعلى وستظل كذلك
ولا تنسى أن محطات القطار كثيرة فقد يلتقطك قطار حديث الصنع نظيف المقاعد ذكي
القيادة .