رغم مرور أربعة وسبعين عاماً على إنشاء
الكيان الصهيوني في فلسطين، تثبت السياسات الإسرائيلية اليومية أن القتل/ الإعدام
هو عقيدة ثابتة وفكر ومنهج منظم لدى قادتها وحكوماتها المتعاقبة، سواء في الضفة
الغربية أو القدس المحتلة وحتى في فلسطين 48.
ولا خلاف أن الحركة الصهيونية اعتمدت
في مشروع استعمار فلسطين عقيدة قتل/ إعدام الفلسطينيين كاستراتيجية ثابتة. هذه
العقيدة التي تشكل انتهاكا مباشرا وصارخا للقانون الدولي بما في ذلك اتفاقات جنيف
الأربعة التي توفر الحماية للمدنيين خلال الحرب، وتحظر قتل الأسرى وتُجرم عمليات
الإعدام الميدانية. والدولة الصهيونية لا تفرق بين إعلاميين أو شباب أو شيوخ أو
نساء أو أطفال، والأمثلة أكثر من أن تحصى في مقال واحد. بل إنه ثمة كثير من
الأمثلة على عمليات إعدام ميداني نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد فلسطينيين
كان بالإمكان اعتقالهم ومحاكمتهم.
اليوم، استراتيجية القتل/ الإعدام
فاعلة ومعتمدة من قبل جيش الاحتلال، تحت مسمى إطلاق النار من أجل القتل (Shoot to kill policy). وهي سياسة تعطي الحق
لأفراد الجيش بإطلاق النار على كل من يعتقد الجنود أنهم يشكلون خطرا على حياتهم
وفق معايير ترك للجنود الحرية المطلقة في تحديدها ميدانيا، الأمر الذي ساهم في
زيادة عدد الشهداء من الشعب الفلسطيني، لا سيما خلال العام الجاري 2022، وينبئ
بزيادة العدد. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال عدد شهداء العام الجاري مقارنة
بالعامين الماضيين (2020-2021)، حيث ارتقى خلال الربع الأول من العام الجاري في
الضفة الغربية (27) شهيدا، مقارنة بالعام 2020 الذي ارتقى خلاله (26) شهيدا، (9)
منهم كانوا قد إرتقوا في الربع الأول من العام، أما العام 2021 فقد ارتقى فيه (87)
شهيدا، كان نصيب الربع الأول (10) شهداء، وذلك وفقاً لإحصاءات وكالة الأنباء
الفلسطينية الرسمية (وفا)، إذ توضح هذه الأرقام أن عدد شهداء الربع الأول من العام
الجاري قد تخطى العدد الإجمالي لشهداء الربع الأول من العامين الماضيين بواقع 42%.
عمليات القتل/ الإعدام جزء من جريمة
منظمة ترتكبها الدولة الصهيونية في الأرض الفلسطينية، والتي تشمل فيما تشمل مصادرة
الأراضي، وبناء المستعمرات/ «المستوطنات»، والتمييز العنصري، والاعتداء على المسجد
الأقصى وغير ذلك الكثير. وتبقى الغاية الإسرائيلية واحدة غير متغيرة أساسها السعي
لاستئصال ثقافة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني ودفعه للتسليم بحقيقة أن «إسرائيل»
لا يمكن هزيمتها.
الدم الفلسطيني لم يعد له أي ثمن
بالنسبة للجندي الإسرائيلي، والفلسطيني أصبح برسم الموت في أي لحظة، وبات عرضة لأن
يكون ضحية لإحدى جرائم الإنسانية على يد جنود الاحتلال. ففي الأسابيع القليلة
الماضية نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً نسبياً من جرائم الإعدام
الميداني ضد فلسطينيين، من دون أن يكون الجندي الإسرائيلي قد تعرض للخطر، ومن دون
وجود مواجهة مسلحة. والمطلوب اليوم لمواجهة هذا الإجرام الإسرائيلي، تصعيد ملاحقة
الإسرائيليين أمام المحاكم العالمية، وعلى رأسها «الجنائية الدولية» التي يُفترض
أنها محكمة صاحبة اختصاص في هذه الجرائم.