خالد الزبيدي
الإعفاءات والقرارات المالية يفترض أن تشجع المواطنين على تأدية حقوق الخزينة من ضرائب وغرامات وغيرها، ويفترض أن تعامل الغني ومتوسط الحال بنفس الطريقة وتحقق العدالة المطلوبة استنادا الى مواد الدستور الأردني الذي يعتبر الاردنيين لهم حقوق وواجبات متساوية بغض النظر عن اي اعتبار آخر، وفي الجوانب المالية تذهب الدول الى مساعدة الاقل ثراء من منطلق توزيع الاعباء والتكليف تبعا لارباحهم وايراداتهم، الا ان مجموعة كبيرة من القرارات الحكومية تنحاز للاغنياء على حساب سواهم، ومن الامثلة على ذلك، تلك القرارات والاعفاءات الاخيرة بشطب 50% من الغرامات على متأخرات الضريبة لمن استحق عليه 5000 دينار فأكثر، اما الذين استحق عليه 4999 دينارا فأقل لايتمتعون بشطب 50% من الغرامات، وهذا يعني انحيازا واضحا لصالح الاكثر ثراء.
من القرارات الجمركية كان تخفيض الرسم الجمركي على المركبات الكبيرة ( سعة المحرك) اكثر من تخفيض الرسم الجمركي على المركبات الصغيرة الحجم، وكان من شأنه تشجيع اقتناء المركبات الكبيرة الحجم على حساب المركبات الصغيرة، وهذا كمن يسبح عكس التيار، فالاساس ان تشجع القرارات الحكومية عامة الناس على اقتناء المركبات الصغيرة لتقليص استهلاك الوقود الذي يتم استيراده بالعملات الصعبة من الاسواق الدولية.
وبعد سنوات بعد ان ازدحمت الشوارع والطرقات بالمركبات الكبيرة اخذت الحكومات برفع رسم تداول المركبات الكبيرة بنسب كبيرة، ثم اتبعت القرار برفع رسم تجديد ترخيص المركبات الكبيرة بشكل كبير وهو رسم متكرر سنويا، الامر الذي ألحق اضرارا بالغة بالمواطنين لاسيما اصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية، وهذا يشير اما الى ضعف التخطيط للمستقبل او نصب شرك للمواطنين لزيادة حصيلة الايرادات خلافا لما رسمه المواطن لحياته وميزانية الاسرة.
القرارات المرتقبة والتي سترهق متوسطي الحال ومحدودي الدخل وتضر بالحركة التجارية، تخفيض الضريبة العامة على المبيعات من 16% الى 12% وشمولها كافة السلع والخدمات الخاضعة للضريبة العامة للمبيعات بخاصة السلع الغذائية، وهذه القرارات استجابة لتوصية ضمن توصيات صندوق النقد الدولي التي لاتنتهي، ومن نتائج هذه التوصية في حال اقرارها ارتفاع كبير على اسعار السلع الاساسية التي تشكل مكونا رئيسيا في سلة المستهلك الفقير ومتوسط الحال، ويستفيد من هذا القرار الاثرياء الذين يستهلكون اكثر وبالتالي يدفعون اقل ضريبيا، اي اننا سنواجه موجة عارمة من الغلاء وبالتالي ازدياد نسب الفقر في المملكة، ومن نتائجها اغلاق المزيد من المحلات التجارية التي تشغل اعدادا لا يستهان بها من سوق العمل الى صفوف البطالة.
مجموعة القرارات المالية يفترض ان تتخذ بعد اجراء دراسات اقتصادية اجتماعية للتعرف على المضاعفات الاقتصادية لهكذا قرارات وانعكاساتها على المستهلكين والمستثمرين والاقتصاد الكلي..يبدو أننا في واد ومتطلبات التنمية في واد آخر.
عن الدستور